شارك

ابتعد وزير النفط السعودي المخضرم علي النعيمي عن المشهد في المملكة، بعد أكثر من 20 عام قاد خلالها السياسات النفطية للبلاد، ليحل محله خالد الفالح، والذي جاء في وزارة جديدة، تحمل اسم “وزارة الطاقة والصناعة والموارد الطبيعية” والتي تم استحداثها في التعديل الأخير، هكذا استهل الكاتب عادل عبد الغفار مقاله في مجلة “نيوزويك” الأمريكية.

إلا أن الفالح ووزارته ليسا فقط الوجهان الجديدان بالحكومة السعودية، بحسب الكاتب، وإنما هناك أيضا ماجد القصيبي، والذي جاء وزيرا لوزارة التجارة والاستثمار، والتي تم استحداثها أيضا في التعديل الحكومي الأخير، بالإضافة إلى تعيين أحمد الخوليفي كمحافظ جديد للبنك المركزي السعودي.

الأمر الذي يبدو مفاجئا للكثير من المتابعين للمشهد السعودي يتمثل في أن التعديلات الأخيرة، بل وربما التوجه الاقتصادي الجديد الذي تتبناه المملكة، يجد أصوله في تقرير صادر عن شركة ماكينزي للاستشارات الإدارية العالمية، بحسب الكاتب الذي يعمل باحثا في بمركز بروكنجز الدوحة.

وأضاف الكاتب أن حكومة السعودية تسعى للتعامل مع تداعيات الانهيار الكبير الذي تشهده أسعار النفط العالمية، والتي أدت إلى عجز غير مسبوق في الميزانية، في شهر ديسمبر الماضي، لافتًا إلى أن عجز الموازنة وصل إلى 15% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، “الأمر الذي وضع ضغوطا غير مسبوقة على الوضع المالي للمملكة”، مشيرًا إلى تزامن أزمة أسعار النفط، مع أوضاع سياسية وإقليمية متدهورة في سوريا واليمن ولبنان، بالإضافة إلى زيادة الصراع بين الرياض وطهران.

إلا أن الأوضاع الاقتصادية التي تدهورت منذ انهيار أسعار النفط، ربما كانت الدافع أمام نائب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لإطلاق خطته الطموحة، والتي تحمل عنوان “رؤية المملكة 2030″، بحسب الكاتب، موضحًا أن الهدف من الخطة يتمثل في زيادة الدور الذي يلعبه القطاع الخاص من 40% إلى 60% في اقتصاد السعودية، وكذلك تقليل معدلات البطالة من 11% إلى 7%، بالإضافة كذلك إلى زيادة العوائد غير النفطية.

وأضاف الباحث، في مقاله المنشور في “نيوزويك” اليوم الثلاثاء، أن الإصلاحات التي تتضمنها خطة السعودية لا تنطوي فقط على تغييرات كبيرة في السياسات الاقتصادية التي تتبناها، لكنها تمتد أيضا إلى تغيير نمط العلاقة بين الدولة والمجتمع في الداخل، وهو الأمر الذي لم يحدث من قبل منذ تأسيس المملكة في الثلاثينات من القرن الماضي.

يبدو أن الأمير السعودي الشاب قد استلهم رؤيته من تقرير أصدره معهد ماكينزي في ديسمبر 2015، والذي جاء تحت عنوان “اقتصاد السعودية بعيدا عن النفط”، بحسب الكاتب، لافتًا إلى أن التقرير المذكور أبرز العديد من السياسات التي تضمنتها الخطة السعودية، والتي تم الإعلان عنها في الشهر الماضي، وهو الأمر الذي يعكس بصورة كبيرة الدور الذي تلعبه شركات الاستشارات العالمية وتأثيرها في السياسات التي تتبناها الحكومة.

ولكن الخلل الذي ظهر بوضوح في التقرير الذي يعد بمثابة مرجعية الحكومة السعودية في الإصلاح، يتمثل في أنه لم يذكر من قريب أو بعيد كيفية تغيير عقلية المواطن السعودي، بحسب الكاتب، وهو ما يمثل تحديا كبيرا في المستقبل، خاصة وأن مواطني المملكة اعتادوا على قبول هبات حكامهم المتمثلة في دعم السلع والخدمات وكذلك الحصول على الوظائف في القطاع العام ومستويات المعيشة المرتفعة.

“عبد الغفار” أضاف أن الخطة السعودية تبدو طموحة، ولكن يبقى التساؤل كيف سيكون رد فعل المواطن السعودي على تلك الإصلاحات، خاصة وأن الحكومة هي التي سوف تطلب من مواطنيها العديد من الالتزامات، كالضرائب والعمل الجاد في القطاع الخاص، وبالتالي فالمقابل الذي ينبغي أن تقدمه الحكومة على الأقل ينبغي أن يكون مزيدا من الشفافية والمحاسبة.

واختتم الكاتب مقاله بالقول إن الحكومة السعودية اتخذت بالفعل العديد من الإجراءات منذ يناير الماضي، حيث رفعت جزءا من الدعم عن الماء والكهرباء، وكذلك الوقود وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار، وبالتالي حالة من الاستياء، بحسب قوله، وهو ما ينذر بالمزيد من الغضب في المستقبل وهنا يبقى التحدي متمثلا في كيفية الاستمرار على طريق الإصلاح من قبل قيادات المملكة دون تنفير المواطنين.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.