شارك

يبدو أن تركيا وجدت نفسها معزولة دوليا، ودون حليف في منطقة تشتعل فيها نيران الصراعات، هكذا استهلت “فاينانشال تايمز” افتتاحيتها اليوم الأربعاء، قائلة إن الجهود التي بذلتها أنقرة لرأب الصدع مع إسرائيل وروسيا، كانت مؤشرا مهما على تحول كبير في النهج الذي تتبناه، بعد سنوات من انتكاسات السياسة الخارجية التي كانت تهدف في جزء كبير منها إلى تحقيق هيمنة مبالغ فيها.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن هناك تحولات، حدثت خلال الأيام الماضية، لإبراز التغيير الكبير الذي تشهده السياسة التركية في المرحلة الراهنة:

الأول: التقارب مع إسرائيل من خلال توقيع اتفاق من شأنه إنهاء حالة النزاع الحالية، والتي تعود بجذورها إلى عام 2010، على خلفية الهجوم الذي شنته قوات إسرائيلية على سفينة مساعدات تركية كانت في طريقها إلى غزة في 2010، لكسر الحصار المفروض على القطاع الفلسطيني، ما أسفر عن مقتل عدد من النشطاء الأتراك، وهو الاتفاق الذي يهدف لتحقيق فوائد كبيرة للجانبين.

الثاني: رسالة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ليعبر فيها عن عميق أسفه لإسقاط الطائرة الروسية التي كانت تحلق داخل الأراضي السورية، بالقرب من الحدود مع تركيا، في نوفمبر الماضي، ما يعكس رغبة الاتراك في استعادة التعاون مع موسكو خاصة على الجانب الاقتصادي في ظل المشكلات الاقتصادية التي تعانيها أنقرة المرحلة الراهنة.

وأوضحت الصحيفة أن التقارب التركي الروسي ربما لا تقتصر فوائده على العلاقات بين البلدين، لكن قد يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك في ظل احتمالات تحقيق التوافق بين البلدين حول الصراع السوري في المرحلة المقبلة، وبالتالي تمهيد الطريق نحو تعزيز الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل للصراع الذي اندلع منذ أكثر من خمس سنوات وأسفر عن آلاف القتلى والمشردين.

وأضافت أن الخطوات التركية تعكس أن أردوغان عاد إلى نهجه البراجماتي من جديد، موضحة أن رؤيته تعتمد على حل الأزمات التي أشعلتها الحكومة التركية بنفسها مع أطراف مختلفة في السنوات والأشهر الماضية، وهو النهج الذي ربما يكون مفيدا إلى حد بعيد في التعامل التركي مع الأزمة السورية.

الخطوات المفاجئة التي اتخذها أردوغان ربما جاءت لتبني نهجا جديدا يقوم على المصالحة،  خاصة وأن النهج العدائي الذي تبناه مؤخرا ربما فتح الباب أمام حالة من العزلة عانت منها بلاد الأناضول خلال السنوات الماضية، وأدت إلى خسارتها لعدد كبير من الحلفاء، بحسب الصحيفة البريطانية.

واختتمت بقولها إن الخطوة التركية تعكس فلسفة واقعية، يتبناها عضو “مهم” في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، موضحة أنها سوف تكون بمثابة خطوة إيجابية نادرة في منطقة الشرق الأوسط التي يشوبها حالة من عدم الاستقرار منذ سنوات، كما أنها ربما تكون محفزة ومشجعة للمستثمرين الأجانب للدخول إلى تركيا وبالتالي دعم الاقتصاد التركي في المرحلة المقبلة.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.