محمد العمر: مرحلة فك الشفرات

محمد العمر: مرحلة فك الشفرات

شارك

لا يمكن لأي مختص في شرح تركيبة التنظيمات المتطرفة أن يجد تعليلاً واضحاً لقيام متهمين بانتماءاتهم الفكرية لتنظيم داعش، بقتل والديهم وأشقائهم أو حتى أقاربهم، أو ما الدوافع الحقيقية وراء مثل هذه الجريمة التي تقشعر لها الأبدان، لأن الأمر تجاوز مرحلة فك الشفرات والتعقيدات التي تبني عليها التنظيمات عقيدتها، وتعدى فكرة تحليل المخططات العسكرية لها، لأن تناول مثل تلك الوقائع نابع من فهم دقيق للكينونة التنظيمية.

الحوادث الأخيرة التي أقدم عليها «داعشيو الفكر» واستهدفوا أقاربهم، لا يمكن أن تكون الدوافع الأساسية هي التطرف فقط، وأجزم بأن لا علاقة للمخدرات بذلك، أو حتى المرض النفسي المستعصي، ما يعني أن نفهم الحالة النفسية والاجتماعية لهؤلاء، كي يتم الجزم بفهم الأسباب.

لكي نفهم حقيقة تلك الدوافع الإجرامية لأولئك المجرمين، يجب أن يتخلل التحقيقات الأمنية معهم فرصة مشاركة المختصين النفسيين والاجتماعيين، ومن ثم نُشرَك في نتائج الجلسات التحليلية حتى نقطع التكهنات والتحليلات الاجتهادية، ولكي نستعجل الدواء قبل الداء، لأن عرض نتائج تلك الجلسات للناس عامة، غرضه فهم سيكولوجية أفرادها والدوافع التي تفضي بهم إلى مثل هذه الأعمال الإجرامية.

في يوليو من العام الماضي، أعلن تنظيم «داعش» تطبيق عقيدة «الولاء والبراء»، والتي تجيز للمنتمين فكرياً قتل الأقارب وتحديداً الأقارب العاملين في السلك العسكري، حيث اعتبر التنظيم هذه الفتوى البديل عما أسموه بـ «النفير للقتال».

لكن الأمر تطور بعد ذلك إلى أن شملت هذه العقيدة «البراءة من كل شخص لا ينتمي إلى التنظيم» حتى وإن كان من أقرب قريب ولو من الدرجة الأولى، وهي «البراء من أهلهم وذويهم»، وبالتالي يجيز قتلهم، معتبرين ذلك من المعروف الذي جاء في القول المأثور «الأقربون أولى بالمعروف»، وأن العمل على ذلك يؤدي إلى نصر الدين.

يقوم تنظيم داعش بإثراء مفهوم القتل في ظل عقيدة الكراهية، ويحرص التنظيم في تجنيده المستمر، لغرض حماية مستقبله، كما يجري توظيف العديد جواسيس وواعظين ومنفذي إعدام وجنوداً لقذف القنابل والانتحاريين كذلك.

كما يحرض التنظيم على استقطاب صغار السن والمراهقين، لكونهم الأسهل في الأدلجة، وكذلك رؤيته لهم بأنهم الأنقى، أي أن صغر سنهم وقلّة خبرتهم وضعف إدراكهم تعطي ضمان بقائهم مع التنظيم أكثر، فهم لم يتلوثوا بقدر عالٍ من الأفكار النقيضة، فهو يعتبرهم مجاهدين أشد فتكاً من غيرهم.

نقلًا عن “الرؤية” الإماراتية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.