شارك

يبدو أن الخلاف بين التيار المتشدد في إيران ومنافسيه المعتدلين، حول الدعم الذي ينبغي تقديمه لنظام الرئيس بشار الأسد، في ظل الصراع المحتدم في سوريا منذ أكثر من خمس سنوات، تزايد مؤخرا بصورة كبيرة، بحسب “نيويورك تايمز”، موضحة أن هذا الأمر دفع طهران إلى الكشف عن عدد قتلاها في سوريا.

وذكرت الصحيفة الأمريكية البارزة أن التقارير الإخبارية التي دارت حول هذا الشأن، في بلد اعتاد على إحاطة الشؤون العسكرية بهالة من السرية، كانت صادمة إلى حد كبير، حيث أشار أحدها إلى مقتل 13 جنديا إيرانيا كانوا جميعا على صلة بالحرس الثوري الإيراني، في كمين نُصب لهم بالقرب من حلب.

والأكثر إثارة، هكذا تقول الصحيفة، أن الإعلام الإيراني كان حريصا على الكشف عن تفاصيل عديدة عن الجنود وحياتهم، ولم يكتف بنشر أسماء القتلى، بل احتفى بهم، وعرض قصص حياتهم، بجانب تعليق صورة كبيرة لهم في بلداتهم كنوع من التكريم لهم.

وأوضحت أن إيران دائما ما كانت حريصة على التكتم على أنشطتها العسكرية في سوريا والعراق، لسنوات عديدة، حتى يتسنى لها إنكار أي تورط رسمي على الأرض، وأن الأكفان التي كانت تصل محملة بجثامين الجنود لم يكن يتم تعريفهم، وكان يكتفى بالإشارة إليهم بـ”المدافعين عن الأضرحة الشيعية” المقدسة وعندما تزايدت أعداد الجثامين وصفتهم وسائل الإعلام الرسمية بـ”المتطوعين”. لكن الآن يتم تسمية كل إيراني يقتل في سوريا وتنشر صورته في وسائل الإعلام المتشددة وفي الحسابات الالكترونية وعلى موقع “انستجرام” المخصص للمقاتلين.

ونقلت الصحيفة الأمريكية عن محللين مهتمين بالشأن الإيراني أن السبب وراء هذا التغيير الذي تتبناه الحكومة الفارسية حاليا، لا يرجع إلى التزامها بالشفافية ولكن نتيجة إلى صراع متفاقم بين المتشددين الذين يسيطرون على الجيش من جانب والتيار الإصلاحي، والذي يقوده الرئيس حسن روحاني من جانب آخر، إذ يسعى المتشددون إلى تقويض أي محاولة من شأنها تخفيض الدعم الإيراني المطلق للرئيس السوري، والتصدي لأي موقف قد يتبناه الإصلاحيون من شأنه التوصل إلى تسوية سياسية يتم بمقتضاها تنحية بشار الأسد.

الحرس الثوري الإيراني يرى أن الإعلان عن التضحيات هو وسيلة لبناء الدعم في الداخل للسياسة الحالية التي تتبناها الحكومة الفارسية تجاه سوريا، بحسب الصحيفة، وبالتالي القضاء على أي حديث يدور حول التوصل إلى حلول وسط مشيرة إلى أن حسابات “انستجرام” تمكنت بالفعل من اجتذاب عشرات الالاف من الأتباع ومعظمهم من الداعمين للمجهود العسكري.

ونقلت عن حميد رضا تارقي، وهو محلل سياسي متشدد وقريب من الزعماء الإيرانيين قوله أنه “من خلال الإعلان عن دورنا فإننا نستطيع منع أي حل دبلوماسي في سوريا. ذلك أنه يجب علينا أولا هزيمة كل الإرهابيين في أرض المعركة وبعد ذلك نستطيع التفاوض معهم.”

وأضافت أن المتشددين يروجون للنجاحات العسكرية التي تحققها إيران وحتى الانتكاسات التي تلحق بها بمجموعة مختلفة من السبل بما في ذلك التقارير الأخبارية والأفلام الوثائقية، بالاضافة إلى موقع انستجرام، والذي يمكن استخدامه بحرية مطلقة داخل طهران، على عكس مواقع التواصل الأخرى، والتي يتم منعها من قبل الحكومة الإيرانية.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.