شارك

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ربما تأخر كثيرا في إدراك تكلفة الدور الذي اختاره لبلاده في المنطقة، هكذا استهل الكاتب روبرت فيسك مقاله بصحيفة “الإندبندنت”، مؤكدا أن هناك ضرورة ملحة لمعالجة بعض القضايا المهمة خاصة بعد أن أصبح لم يعد بإمكانه الوثوق بجيشه بعد الآن.

وقال الكاتب البريطاني البارز إنه لم يكن ممكنا أن يظل الجيش التركي خاضعا لأردوغان، في الوقت الذي تقوم فيه سياساته على تحويل دول الجوار إلى أعداء، في سبيل تحقيق حلم استعادة الامبراطورية العثمانية، حتى إنه جعل بلاده مثار سخرية.

إلا أنه سوف يكون خطأ فادحاً إذا افترضنا أحد أمرين، بحسب الكاتب، الأول أن الانقلاب العسكري سيكون أمرا وقتيا بحيث سيبقى الجيش التركي مطيعا لسلطان أردوغان بعدما تمكن من إخماده الجمعة الماضية، والثاني يتمثل في اعتبار 161 قتيلا على الأقل وأكثر من 2839 محتجزا بمعزل عن انهيار الدول القومية في الشرق الأوسط.

يستطرد فيسك قائلا إن الأحداث التي وقعت في نهاية الأسبوع في اسطنبول وأنقرة ترتبط ارتباطاً وثيقا بانهيار الحدود والدولة، وما حدث في العراق وسوريا وبلدان أخرى في العالم العربي ألقى بظلاله على المنطقة بأسرها، موضحا أن حالة عالم الاستقرار تشبه العدوى التي يمتد تأثيرها إلى خارج الحدود، حالها في ذلك حال الفساد المستشري في المنطقة، وبالتالي أصبح انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط مُعديا تماما كما الفساد، لاسيما بين الحكام المستبدين الذين أصبح أردوغان أحدهم بعدما غير الدستور لمصلحته الخاصة وأعاد نزاعه الخبيث مع الأكراد.

وأضاف أن تركيا سارت بطريق الدولة الفاشلة حين بدأت لعب نفس الدور الأمريكي في سوريا عبر إرسال الأسلحة للمعارضة المسلحة، وتعاون أجهزتها الاستخباراتية مع المتمردين الإسلاميين هناك، ومُنيت بعدها مدنها بالتفجيرات الكبرى وتسلل الإسلاميين إلى ريفها. كما تسببت إعادة الصراع المسلح مع الأكراد في مزيد من الدمار وعدم الاستقرار للبلاد، مشيرا إلى أن حجم الدمار الذي تشهده مدينة ديار بكر التركية ذات الأغلبية الكردية يشبه حجم الدمار في مناطق واسعة من محافظتي حلب حمص السوريتين.

وتساءل فيسك قائلا: هل تجرأ أحد على ذكر ما يحدث في دول عربية كثيرة بعد اعتداء نيس؟، مضيفًا “السير مارك سايكس وفرانسوا بيكو قطعا أوصال الإمبراطورية العثمانية، بمساعدة من آرثر بلفور، لكن التقطيع لا يزال حتى يومنا هذا”.

واختتم مقاله قائلا: “في هذا الإطار التاريخي لا يجب أن ننظر إلى الانقلاب الذي لم يحدث في أنقرة، بل انتظروا انقلاباً آخر في الأشهر أو السنوات المقبلة”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.