محمد آل سلطان: دون كيشوت.. وأتباعه !

محمد آل سلطان: دون كيشوت.. وأتباعه !

شارك

دون كيشوت.. رواية إسبانية مشهورة ألفت قبل أكثر من 400 عام، وترجمت لكل لغات العالم الحية.. وهي باختصار أن هناك رجلا أدمن قراءة سير الأبطال والنبلاء حتى انقطع عن الواقع المعاش وأصبح مغيبا عنه، وتصور أنه البطل الأسطوري الموعود الذي لا يقهر والذي سينشر العدل والسلام في العالم، ركب فرسه الهزيل وقبل أن يخوض معاركه الوهمية بحث عن تابع ساذج مسكين من أهل قريته يصدقه ويتلقى عنه الضربات ما أمكن.. !! وقد وجده، فالسذج كثر في كل زمان ومكان !! المهم أن تخيلاته المريضة صنعت له معارك وهمية خاسرة اصطدمت بالواقع والحقيقة.. ولكن دون كيشوت أقنع نفسه وتابعه المسكين أن هناك تآمرا من الجن والسحرة والناس عليه حال بينه وبين تحقيق الانتصارات !!

ودون كيشوت في مقالتي هو شخص له وجها عملة رديئة واحدة، وجهها الأول ذلك المتصنع بالفضيلة والمتستر بالدين والمحتكر لرؤية تعتدي على سلطة الله وسلطة ولي الأمر وسلطة القضاء الشرعي في محاسبة الناس وتصنيفهم ما بين فاجر وفاسق وكافر بل وتوزيعهم على جنة ونار وأنه هو الموكل بذلك وحده من دون الخالق سبحانه وتعالى !!

بينما يقف في وجه العملة الآخر شخص يدعي الإيمان بحرية الرأي والديموقراطية والمبادئ الإنسانية عامة، بينما هو ينتهك كل حقوق الإنسان والشرف والنزاهة بدءا من عائلته وأصدقائه وكل من ساقهم حظهم العاثر للتعامل معه أو الوقوع في طريقه !!

وهكذا يقصي دون كيشوت من وجهي عملته الرديئة كل معاني الصدق الرفيعة ويستبدل أسوأ ما في الكذب من نقيصة وهي تخدير الجموع البشرية من حوله بها تحت سلطة الوهم والخيال التي تجعل الجميع يحارب الجميع حروبا في الخيال لا تبقي ولا تذر!!

دون كيشوت وأتباعه لا يحتاجون إلى دروس أخلاقية ولا إلى مواعظ دينية ولا إلى مناصحات أو غيره، بل يحتاجون إلى قوانين صارمة وعقوبات رادعة تحمي حقوق الناس وأعراضهم وحياتهم الخاصة.. لأن معركتهم لم تعد مع طواحين الهواء كما كان أسلافهم يفعلون بل خلطوا طواحينهم بالأوهام والكذب وأسقوها للشعوب والمجتمعات ليل نهار.. جلدوهم بها.. حتى فقدوا الإحساس بالحياة والأمن والسلام !!

وإذا كان دون كيشوت السلف لم يحصل إلا على راعٍ مسكين يصدقه ويتلقى الضربات عنه، فإن دون كيشوت الخلف كان أكثر ذكاء، فله في وجهي عملته ملايين الأتباع المخلصين الذين يتلقون الضرب بأنواعه دونه بينما يعيش هو على عرش أوهامه التي يسهر الخلق جراها ويختصم بلا شرف للخصومة ولا مروءة للرجولة !!

فهو يتزوج أربع نساء ويطلب من الراعي المسكين أن ينتظر زوجته في الآخرة، هو يرفل في قصره وبين عقاراته ومزارعه بينما يحدث راعيه عن العين التي تحرس في سبيل الله !! وهو في وجه عملته الأخرى ينادي أتباعه الأخرين بالحرية والعدالة والنزاهة والعمل باجتهاد بينما هو يرتكب أبشع صور التسلط والسرقة والعنصرية والظلم تتسلط لكل من يخالفه الرأي.

نقلًأ عن “عكاظ”

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.