شارك

حسمت السلطات الأردنية معركتها الأخيرة مع جماعة الإخوان بإعلان إغلاق مقر الجماعة الرئيسي في العاصمة عمان بالشمع الأحمر وطرد الموظفين منه، على أساس أن الجماعة «غير مرخصة».وهو أحد أسباب خمسة جعلت الأردن تحسم معركتها مع الإخوان.

1- جماعة غير مرخصة

القرار نفذته الشرطة بأمر مباشر من الحاكم الإداري، وبعد ساعات فقط من تصريح للقيادي البارز في التنظيم الشيخ زكي بني إرشيد تحدث فيه عن تجنب التصعيد مع الحكومة والسلطات، مع الإشارة لعدم وجود ترتيبات لأي صفقات مع النظام لها علاقة بالانتخابات العامة. وكان المراقب العام الأسبق للجماعة الشيخ عبد المجيد الذنيبات قد حصل على ترخيص بتسجيل جمعية باسم الإخوان المسلمين.

تم إغلاق المقر وقبل ذلك منع الجماعة من إجراء انتخابات داخلية بموجب مذكرة أرسلت من وزارة التنمية السياسية لوزارة الداخلية على أساس شكوى تقدم بها الذنيبات، وتضمنت ما أسماه بوجود «أشخاص ينتحلون صفة ترخيص جماعته ويفتتحون مقرا».

من جهته، أفاد مصدر أمني لفرانس برس بأن “قوات الأمن أخلت مقر الجماعة وأغلقته بناء على أوامر محافظ العاصمة على خلفية عدم حصول الجماعة على ترخيص قانوني”،

2- اتهامات بشق الصف

وتأزمت العلاقة بين الطرفين خصوصًا مع منح السلطات ترخيصًا لجمعية تحمل اسم الإخوان المسلمين في مارس 2015 تضم مفصولين من الجماعة الأم. واتهمت الحركة الإسلامية السلطات بمحاولة شق الجماعة، التي تشكل مع ذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، المعارضة الرئيسة الفاعلة في البلاد.

وتعتبر السلطات أن الجماعة باتت غير قانونية لعدم حصولها على ترخيص جديد بموجب قانون الأحزاب والجمعيات الذي أقر في 2014.

3- الهجوم على الإمارات

يرجح خبراء أن الأزمة بين الحكومة الأردنية وجماعة الإخوان، يعود إلى احتجاج قيادات الجماعة على طلب دول الخليج وضع التنظيم على قائمة الإرهاب، وأشاروا إلى خصوصية الحالة الأردنية، وعدم توفر أدلة على استخدام الإخوان للإرهاب في عملهم المرخص من الدولة.

بينما حاول نظام الحكم الحفاظ على العلاقة التقليدية مع الجماعة (علاقة تحت السيطرة بمفهوم النظام)، مع توازن مصالحه مع دول الخليج وخصوصاً الإمارات التي تمثل الطرف الأكثر تشدداً تجاه الإخوان المسلمين.

ولكن ما إن تجاوزت الساحة الأردنية هذه البداية، حتى كان اتهام نائب المراقب العام للإخوان بتعريض مصالح الأردن للخطر بسبب نقده اللاذع للإمارات، فلم يكتفِ بالهجوم على لائحة الإرهاب بل ركّز هجومه على الدولة نفسها حين وصفها بأنها “راعية للإرهاب”، وشكّك بدورها في المنطقة في نقد أزعج الحكومة وسبب لها الحرج، بحسب مصدر رسمي، وهو الأمر الذي على أساسه تم القبض عليه وتحويله للمحاكمة، في محاولة لاحتواء الضغوط الإماراتية.

ومن ذلك جاء تأكيد رئيس وزراء الأردن عبد الله النسور أن بلاده لن تسمح لأي شخص بأن “يسيء إلى علاقاتها مع دولة الإمارات التي تربطها بالأردن علاقات أخوية مميزة، وتأتينا منها مساعدات باستمرار”، وأضاف “إذا أراد أي شخص أن يغرد ويخرب بيوت الناس فشعب الأردن لن يقبل هذا الأمر.. من يريد أن يغرد عليه أن يطّلع على القانون أولاً حتى لا يسيء إلى اقتصادنا وتجارتنا والمساعدات التي نتلقاها”، ودعا كل العقلاء أن “يحترموا مصالح الشعب الأردني”، وضعاً في الاعتبار أن الإمارات يعمل بها نحو 225 ألف أردني.

4- الموقف من المقاومة

خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، أقامت جماعة الإخوان في الأردن فاعليات في حيّ “طبربور”، نفذت خلاله استعراضات عسكرية نوعية، رأى المسؤولون في الأردن أنها قد تكون ناجمة عن تدريبات وإعدادات تتجاوز التنشئة التقليدية في الجماعة. وقد صاحب الحرب انتقادات قوية من جانب الإخوان الذين وجهوا تهم “التقصير” للحكومة في دعمها لحركة حماس وللمقاومة، وارتبط بذلك الخلاف اعتقال القيادي في الحركة الإسلامية محمد سعيد بكر، على خلفية مواقفه خلال احتفالات الأردنيين بانتصار المقاومة، وبسبب محاضراته وخطبه التي وُصفت بـ”التحريضية”.

وكان بكر ألقى خطاباً هاجم فيه النظام الأردني، قائلاً إن أمام الحكم “فرصة لإثبات الرجولة والشرف والديانة”، ومضيفاً أن “خطوة واحدة للأمام تصنع من هذا النظام عملاقاً، لكن لا أدري هل هو العجز أم أن الإرادة منزوعة”، فيما اعتبر الإخوان أن الحرب الأخيرة في القطاع “لقنت محور الاعتدال درساً”.

من جهة أخرى فإن اعتقال المهندسين الثلاثة، الأسير المحرر مازن ملصة، والباحث في الشؤون الفلسطينية غسان دوعر ونجله البراء، ارتبط بما كشفته مصادر رسمية بمخاطبة حزب “جبهة العمل الإسلامي”، الذراع السياسي لإخوان الأردن، حركة حماس بإدراج الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية في أي صفقة تبادل قادمة محتملة بينها وبين إسرائيل، وهو ما رأته الحكومة الأردنية تجاوزراً للنظام والقانون.

5- شبهة دعم داعش

من أسباب الخلاف القوي بين النظام الأردني والإخوان، هو ما يرتبط بحدود مشاركة الأردن في التحالف (الدولي- العربي) ضد “داعش”، بعد تأكيد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال استقباله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في عمّان بتاريخ 12 سبتمبر 2014، دعم المملكة للجهود الدولية الرامية لمواجهة الإرهاب والتطرف.

وعلى خلفية ذلك، شدد مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن رفضه زج الجيش بالتحالف الذي تقوده واشنطن، في مخالفة للمادة (127) من الدستور التي تحصر مهام الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته، بجانب اعتبار أن هذه الخطوة تتناقض ومصالح الأردن، من منطلق أن “الإرهاب الحقيقي هو الإرهاب الصهيوني، وليس الجماعات التي تقوم أمريكا بحرب ضدها، بمشاركة جيشنا”، والتأكيد كذلك على رفض استخدام الأراضي الأردنية كقواعد عسكرية أو منطلقات لجنود ما يسمى “التحالف الدولي على الإرهاب” .

جدير بالذكر، أن تصعيد النظام الأردني لم يرتبط فقط بالإخوان المسلمين، ولكنه ارتبط أيضاً بعناصر من السلفيين والمتعاطفين مع نشاط “داعش” و”جبهة النصرة الإسلامية”، وحيث تنظر محكمة أمن الدولة الأردنية في أكثر من 125 قضية وفق “قانون منع الإرهاب”، معظمها لأعضاء التيار السلفي اتهموا بمناصرة “داعش” و”جبهة النصرة” والترويج لهما، إضافة إلى محاكمة أعضاء من “حزب التحرير الإسلامي” المحظور، بعد زيادة أنشطته الجماهيرية.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.