شارك

تفاقم الأوضاع الأمنية في ليبيا يومًا بعد يوم، وتتسع رقعة السيطرة الجيوسياسية لتنظيم «داعش»، ويتوافد المئات من أتباع التنظيم الإرهابي على الأراضي الليبية.. ورغم المخاطر المباشرة على الدول الأوربية من النشاط والتوسع الداعشي اعش في البلد العربي، إلا أنها تبنت موقفا ضبابيا تجاه تلك الأزمة، ولم تصدر أية قرارات بشأن الحد من نفوذ التنظيم، ما يضع الكثير من علامات الإستفهام على هذه المواقف، خاصة مع رفض الاتحاد الأوروبي تسليح الجيش الليبي الوطني، فى الوقت التي تمتلك التنظيمات الأصولية المسلحة أعلى تقنيات الأسلحة الاستراتيجية وأكثرها تطورًا وحسمًا في أرض المعركة.

«عاصمة للخلافة»

ذهب بعض المحللين إلى أن الحصار المضروب على منطقة نفوذ التنظيم في سوريا والعراق، وأصبح التنقل من وإلى هذه المنطقة صعبًا، نتيجة الصفقة التركية الأوروبية التي تقضي بضبط الحدود التي تعد أهم عوامل الدعم اللوجستي لداعش، والتي سهلت انضمام الآلاف من العناصر المبايعة لأبو بكر البغدادي في سوريا والعراق.

ومع تغير المعادلة الغربية في المنطقة بعد دخول العنصر الروسي إليها، بدأت تضيق الأرض على عناصر التنظيم في منطقة نفوذه بين الرقة والموصل، ما قد يؤدي إلى «موجة عودة» لعشرات الآلاف من عناصر التنظيم الإرهابي إلى دولهم الأصلية، أو تسللهم إلى دول أجنبية أخرى، ما يمثل خطورة أمنية داهمه على هذه الدول، حيث تجد صعوبة في الوقت الحالي في التعامل مع المئات من العناصر الداعشية على أراضيها، فماذا سيكون الوضع حال نزح إليها أو لدول الجوار منها الآلاف من عناصر التنظيم، وبدء تحركهم بشكل عشوائي لا مركزي بعيدًا عن تعليمات القيادة، التي تتسم ممارساتها مع الغرب بكثير من الأبعاد السياسية، ولعبة كروت الضغط.

لذا فقد وجدت الدول الغربية أن غض الطرف عن التوسع الداعشي في ليبيا، هو المتنفس الآمن للعناصر الراغبة في الانتقال من منطقة النفوذ في العراق وسوريا، بدلًا من العودة إلى دولهم وعلى رأسهم الدول الأوروبية.

وفي هذا الإطار يؤكد ثابت العمور الباحث السياسي والخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، أن غياب الدور الأوروبي في مواجهة داعش في ليبيا يعود إلى عدة أسباب، أولها أن ليبيا ليست على خارطة الأولويات بالنسبة للغرب وهذا يتضح من طريقة التعامل مع الملف الليبي، وطريقة إسقاط القذافي وعدم التدخل لحسم الصراع الدائر الآن هناك.

وأوضح أن تضييق الغرب على داعش النسخة العراقية والسورية هو ما دفع باتجاه داعش صوب ليبيا.

وتوقع العمور في تصريحات لـ«السعودي» أن يكون تحريك داعش باتجاه ليبيا الهدف منه ابتزاز مصر والجزائر والمغرب.

وعن فرضية تطبيق الغرب نظرية «صاعق البعوض»، يقول العمور إن البيئة والموقع الجغرافي في ليبيا، والصحراء الممتدة وقلة الكثافة السكانية من الأسباب التي تجعل من السهولة مواجهة «داعش» ورصد مواقعها وتحركاتها، وما يعزز الفكرة، أن الغر ب ترك داعش يتمدد ويتمركز وينتشر في ليبيا.

ولم يستبعد «العمور» أن تكون العمليات الأخيرة للتنظيم في باريس وفي بروكسل بتحريك ودفع من التنظيم في ليبيا، لأن ليبيا عمليًا تعني الوقوف على سواحل أوروبا، ومواجهة داعش في ليبيا تأخرت حتى تمدد هناك وباتت له خلايا وأذرع تتجاوز الحدود الجغرافية.

«الصنعة تدل على الصانع»

يقول العمور فى تحليله إن التساؤلات المشروعة والمطروحة عن الموقف الأوروبي من الوضع في ليبيا، يدفع باتجاه استحضار فرضية من صنع «داعش» ومن يحركه ويحدد اجنداته؟، مشيرًا إلى أن هناك وقائع على الأرض ملفتة جدا وتدفع باتجاه طرح مزيد من التساؤلات، كيف يحرك داعش 5 آلاف مقاتل دون رصد آو تتبع؟ كيف يبيع النفط؟ كيف يوفر موازنة مالية بهذا الحجم؟

وأضاف أن داعش أداة أو جماعة توظف وفق أجندات دولية معينة ولا يوجد له أدبيات أو خطاب أو برنامج، ويتحرك بضمانات وربما بتأمين وغطاء دولي.

واختتم العمور قائلا إن العقل والاستراتيجية العسكرية تقول إن بقاء أذرع التنظيم في العراق وسوريا، أكثر أريحية وأكثر حرية لعدة ظروف، منها قِدم وجوده هناك مقارنة بليبيا، والجغرافية والسكان والكثافة تساعده مقارنة بليبيا، لكنه تحرك باتجاه ليبيا، والمفارقة أن مواجهته والتصدي له توقفت فور وصول التنظيم إلى ليبيا، فلم نعد نسمع الآن عن ضربات وغارات جوية وعمليات لوجستية.. وأضاف: واشنطن عندما أرادت اعتقلت زعماء القاعدة من قلب ليبيا، وهذا لم يحدث الآن مع أمراء داعش في ليبيا.. كما أن الوقائع والإحداثيات_ والكلام للعمور_ تؤكد كل يوم وبكل واقعية أن داعش ورغم عمره القصير إلا أنه ربما يتفوق في تحركاته وآدائه على أداء جيوش عربية نظامية.

 

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.