شارك

قال دبلوماسي غربي إن أول محاثات سلام سورية تنطلق منذ عامين منيت “بفشل تام” حتى قبل أن تبدأ اليوم الجمعة بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أنها ستمضي قدما في المحادثات على الرغم من مقاطعة المعارضة.

وقال معارضي الرئيس السوري بشار الأسد إنهم أكثر اهتماما بصد الهجوم العسكري المدعوم من روسيا بينما ترددت أنباء عن فرار مدنيين مع محاولة الجيش السوري والفصائل المسلحة المتحالفة معه السيطرة على إحدى ضواحي دمشق والإجهاز على فصائل المعارضة التي تدافع عنها.

ووجه مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا الدعوة للحكومة وممثلي المعارضة السورية لإجراء محادثات غير مباشرة في جنيف.

موقف المعارضة

لكن حتى الآن رفضت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة حضور المحادثات إذ تصر على أنها تريد إنهاء الضربات الجوية وحصار بعض المناطق قبل بدء المفاوضات. وتمثل المقاطعة تحديا لواشنطن التي حثت المعارضة على اغتنام “الفرصة التاريخية” للمحادثات بدون شروط مسبقة.

وقال بيان للأمم المتحدة إن دي ميستورا بدأ المحادثات كما كان مقررا اليوم الجمعة بالاجتماع مع وفد الحكومة برئاسة مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة. وأضاف البيان أن اجتماعات أخرى مع “مشاركين آخرين” سوف تجرى “بعد ذلك” دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

ووصل وفد الحكومة السورية بقيادة سفيرها لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إلى مقر المحادثات في وقت متأخر عصر اليوم الجمعة لكنه لم يدل بأي تصريحات.

وقال دبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه “هذا فشل تام” ووصف المحادثات بأنها “هدية” لحكومة الأسد.

وأضاف الدبلوماسي “تخلصوا تماما من الورطة. مع من سيتحدثون؟ إذا كنت تريد الدخول في مفاوضات فيجب أن يكون هناك شريك”، وقال الدبلوماسي إن أعضاء المعارضة إذا حضروا “فإنهم سيقولون إنهم حضروا بصفتهم الشخصية.”

وقالت الهيئة العليا للمفاوضات التي تضم جماعات معارضة سياسية ومسلحة أمس الخميس بعد اجتماعها في الرياض هذا الأسبوع إنها لن تحضر بداية المحادثات لأنها لم تتلق أي ردود مقنعة على مطالبها لخطوات تنم عن حسن النية مثل وقف إطلاق النار.

ودعا المتحدث باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المعارضة السورية لحضور المحادثات.

وقال إدوين سموأل في تصريح صحفي نشره مركز الإعلام والتواصل الإقليمي التابع للحكومة البريطانية ومقره دبي إن “المعارضة السورية بغيابها تضيع فرصة كبيرة إذا لم تنخرط بالمحادثات مع النظام.”

وأضاف سموأل “المعارضة السورية يجب أن تتعلم ما تعلمناه في إيرلندا الشمالية: الجلوس مع من نعتبرهم بربريين ومفاوضتهم هو جزء من كوننا أمة ناضجة وراشدة جاهزة ليس للقتال فحسب وإنما للتفاوض أيضا من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.”

واستبعدت المحادثات الأكراد الذين يمثلون قوة رئيسية ويبسطون سيطرتهم على مساحات واسعة من شمال شرق سوريا والذين اثبتوا أيضا أنهم من الجماعات القليلة القادرة على السيطرة على مناطق من مقاتلي تنظيم داعش.

وجاء استبعاد الأكراد من المحادثات بعد أن طالبت تركيا بذلك. ويقول الأكراد إن غيابهم عن المباحثات يعني أن مآلها الفشل.

قوة دفع للحكومة

حتى الآن أخفقت الدبلوماسية الدولية في وضع حد للحرب متعددة الأطراف في سوريا منذ خمس سنوات والتي أودت بحياة أكثر من ربع مليون شخص وشردت ما يزيد على عشرة ملايين آخرين وأدت إلى تدخل قوى إقليمية ودولية في هذا البلد.

ودي ميستورا هو ثالث مبعوث للأمم المتحدة لسوريا بعد استقالة سلفيه كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي بسبب فشل جهود السلام التي قاداها.

ومنذ انهيار آخر محادثات في 2014 صعد نجم تنظيم داعش في سوريا والعراق وأعلن قيام “خلافة” وبدأت الولايات المتحدة وحلفاؤها من الغرب والعرب حملة جوية ضد التنظيم ثم بدأت روسيا حملة جوية منفصلة دعما للأسد.

وقلب التدخل الروسي على وجه الخصوص موازين القوى على الأرض ومنح قوة دفع كبيرة للقوات الحكومية وسحب البساط من تحت أقدام المعارضة المسلحة بعد أشهر من التقدم.

ويسعى الجيش السوري وحلفاؤه لاستغلال المكاسب التي تحققت لهم في غرب سوريا وحولوا تركيزهم الآن على أحياء تسيطر عليها المعارضة في جنوب غربي دمشق.

وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتابع تطورات الصراع من خلال شبكة مصادر محلية على الأرض إن الهدف هناك هو سحق المعارضة في منطقة داريا لتأمين مطار المزة العسكري القريب.

وأشار أبو غياث الشامي المتحدث باسم ألوية سيف الشام إلى أن فصائل المعارضة المسلحة رفضت مهلة منحتها الحكومة لها غايتها اليوم الجمعة للانسحاب من حي معضمية الشام الذي يقطنه 45 ألف شخص.

وأضاف أن أكثر من 500 أسرة لاذت بالفرار. وأشار إلى أنهم يعانون نقص الغذاء والدواء والألبان وانقطاع الكهرباء. وقال إن 16 برميلا متفجرا اسقطت اليوم الجمعة.

ونفى مصدر بالجيش السوري استخدام البراميل المتفجرة التي تم توثيق استخدامها على نطاق واسع في الحرب واتهم المعارضة بالمبالغة في تصوير صعوبة الوضع.

وقال الشامي لرويترز حين سئل عن مستقبل المفاوضات إن الأمر معقد للغاية لكنه مشغول أكثر بالموقف الميداني.

وقال السياسي السوري المعارض البارز هيثم المالح لقناة الجزيرة “لا يمكن أن نجري مفاوضات والأمم المتحدة والمجتمع الدولي عاجزان عن إنفاذ خطوات بناء الثقة التي ليس لها علاقة بالمفاوضات.”

وأضاف المالح “أنا أعتقد شخصيا أن المفاوضات بهذا الوضع هي مفاوضات عبثية ولن تنتج.. لا يمكن أن نقبل أن نجري مفاوضات مع قتلة مجرمين وهم متشبثون بالسلطة.”

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.