يوسف المحيميد: دبي ليست ناطحات وتسلية!

يوسف المحيميد: دبي ليست ناطحات وتسلية!

شارك

لا شك أن السياحة أصبحت أحد أهم مصادر الدخل لمعظم دول العالم، التي تتنافس يومًا بعد يوم، في تقديم أفضل التسهيلات للسياح من مختلف الجنسيات، إلى حد أن أصبحت السياحة المصدر الأول لدخل بعض حكومات الدول، فعلى المستوى العربي، تسيّدت مصر لعقود طويلة، الدول العربية والإفريقية في استقطاب السياح من جميع دول العالم، نظرًا لامتلاكها عناصر سياحية مهمة على رأسها الآثار الفرعونية.

في المقابل قد يدهش السائح العربي كيف استطاعت مدينة صغيرة، القفز من مجرد شارع ودوار إلى مدينة تجتذب مختلف السياح من العالم، ولا يوجد فيها آثار ولا أمم سابقة، وإنما مجرد مدينة حالمة تنام على الخليج العربي، فاستيقظت خلال سنوات قليلة، وأصبحت على رأس مدن الشرق الأوسط التي تجذب انتباه السياح من جهة، والمستثمرين من جهة أخرى، إنها دبي، التي أصبحت الوصف الأسهل للتعرف عن موقع الجزيرة العربية لدى الأجانب، فمجرد ذكر اسم دبي، يعني الوصول إلى الهدف، فلماذا دبي؟ وبِمَ تميزت عن غيرها؟

هل لأنها مدينة منفتحة على الثقافات والشعوب؟ أم لأنها مدينة ناطحات سحاب وفنادق وتسلية وليل مختلف؟ هل لأنها مدينة تطل على بحر؟ أم لأنها مدينة دافئة لشعوب العالم البارد، ومدينة فيها كل المحظورات لشعوب العالم المغلق؟ أكاد أجزم أنها ليست لأي من الأسباب السابقة، وإنما لأنها ببساطة شديدة، مدينة الأنظمة والقوانين، مدينة احترام خصوصية الإنسان وحقوقه، فمنذ أن يهبط السائح مطار دبي، وهو يشعر أنه السائح الوحيد لفرط ما يُعامل به من تقدير واحترام، من الاستقبال الخاص بالمطار، والترحيب والابتسامة، من تعامل سائق الأجرة الذي يستحيل أن يستغله أو يخدعه، لأنه يخشى القانون، يخشى مدينة تخضع لمنظومة من القوانين والأنظمة الصارمة… على خلاف مدن يتخطف فيها الأعراب ضيوفًا جاؤوا يعملون سائقين، فيستقبلونهم بالصراخ و(الفهلوة) واختطاف جوازاتهم، وأخذهم إلى أماكن عمل غير التي جاؤوا للعمل فيها، يفعلون تلك الفوضى باستهتار، بلا حسيب ولا رقيب، ودون أن يردعهم قانون أو عقوبات صارمة!

فإن يشعر السائح بالاطمئنان أثناء إقامته، وأن القانون يحفظ له كرامته وحقوقه، وأنه لا خوف إطلاقًا من أن يسرقه أحد، أو يخدعه ويستغله، أو يضحك عليه، هو ما يجعل السياحة أمرًا مغريًا في هذه المدينة أكثر من غيرها، فضلاً عن فتح أوجه الاستثمار، ومنح كافة التسهيلات للعمل، وإنشاء المشروعات الجديدة… كل هذه العوامل هي ما صنعت مدينة أنيقة ومنظمة كدبي… صحيح نحن نمتلك مناطق سياحية أفضل، مناطق جبلية باردة، وطبيعة غنية، وجزر بكر في البحر الأحمر يمكن استثمارها سياحيًا بشكل رائع، وآثار أمم سابقة، وكثافة سكانية سواء من المواطنين أو المقيمين، لكن كل هذه العوامل وغيرها لن تجدي ما لم توجد منظومة قوانين وأنظمة، تضم عقوبات صارمة، تحفظ حقوق السائح من الداخل والخارج، وكذلك المستثمر، وتوفر لهما كافة التسهيلات التي تشعرهما أنهما يتمتعان براحة وطمأنينة وثقة، وألا أحد يمكنه أن يعترضهما، بعدها يمكن النظر في عناصر السياحة والاستثمار الواجب توفرها!

نقلًا عن “الجزيرة” السعودية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.