ياسر الذهيبي: يا بختك يا أردوغان ببعض الخرفان

ياسر الذهيبي: يا بختك يا أردوغان ببعض الخرفان

شارك

لست من محبي نظرية المؤامرة بشقيها (اليميني – واليساري) فما حدث امس بالغ فيه الفريقين لدرجة ان اليساريين وصفوه بالمسرحية الهزلية التي قامت بها حكومة أردوغان، فما هذا الانقلاب الذي يحدث بدون وجود أي ضابط من ضباط الاركان (الذين تم احتجازهم في لحظات)؟، وكيف استطاع الانقلابين فعل ذلك كله ولم يستطيعوا اعتقال أردوغان او رئيس الوزراء، وخلال ساعتين فقط تنزل دبابات الجيش الى العاصمة وتنتشر في المواقع الحيوية، ثم تستسلم بكل سهوله، والمضحك ان الشرطة تأمر قائد الانقلاب (الجنرال) بان يسحب الجنود من المواقع الحيوية (بربكم ما هذا الهراء؟؟) ثم ان كل ما حدث كان مقاطع فيديو وصور وملفات صوت فقط، ولم نرى شيء على الارض فأي انقلاب يكون هدفه الاول السيطرة على القصر الجمهوري والوزرات ومفاصل الاعلام، والقبض على رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وبعض وزراء الدولة المهمين، فكيف يٌعلن عن انقلاب ببيان دون السيطرة على اياً من المرافق الحيوية، (تلك وجهة نظر اليسارين) وان كانت معقولة كمسرحية هزلية تعرض في مسارح اسطنبول ولكنها غير معقولة على ارض الواقع.

اما اليمينيين وهم اشد تطرفاً فقد صوروا ان ما حدث هو انتصار لشخص أردوغان الرجل الصالح العابد الذي يؤيده الله وملائكته وصالح المؤمنين ولن نستغرب ان نسمع من احدهم ان الملائكة كانت تحرس طائرته الخاص (تكبيرررررر) وكيف انه استطاع بمكالمة (سكاي بي) ان يقلب الطاولة في وجه الانقلاب فكيف به لو انه تحدث (بالسناب شات) وهذي مسرحية اكثر هزلية من الاولى.

ما حدث هو تدبير خارجي بامتياز الهدف منه (قرصة أذن) لأردوغان وقد يكون رداً على تجاوزات تركيا على دول عظمى وتعاطيها مع القضايا الاقليمية، ما يهمنا هنا هو رؤية الصورة بكامل ابعادها فالشعب التركي حينما نزل للشارع لم ينزل لعيون أردوغان او لشخصة وانما خوفاً من تسلم الجيش لزمام الامور، والدليل ان حتى الاحزاب المعارضة للنظام التركي داخل وخارج تركيا شجبت واستنكرت ما حدث بل طالبت بالحفاظ على (الديموقراطية) فهم خرجوا للحفاظ على مكتسبات نظام (اتاتورك العلماني) .

 ولكن العجيب في الامر ان بعض مؤيدين أردوغان (في الخليج) الذين كانوا يرون (الديموقراطية) كفر بواح ويحاربونها في جميع الدول أصبحوا يدافعون عنها الان في تركيا، بل الادهى من ذلك ان العلمانية (وهي في نظرهم اشد كفراً ونفاقاً) اصبحت مقبولة فقط لأنها أردوغانية، وهم الان يشيدون بالشعب الذي نزل دفاعاً عن (العلمانية والديموقراطية الكافرتين) تحت تكبير المساجد !!.

ولان لكل امر جانبين سيئ وجيد، الا ان الجيد فيما حصل لاردوغان هو تقوية موقفه بسبب ماحدث (ويا بختك يا اردوغان ببعض الخرفان) فقد زادوا من قبولك الشعبي وسيتم اعطاء محبيك فرصه لزيادة تقديسك، ومن الفوائد المجنية ايضاً هو التغير الجذري الذي سيحصل في سياسة تركيا في الفترة المقبلة وسنرى بذلك تركيا جديدة نسميها تركيا ما بعد  الانقلاب، اما الجانب السلبي هو زيادة عدم الثقة بين الجيش والرئاسة التركية، بالإضافة الى تعرية الجيش التركي الذي كان يضرب به المثل في القوه وانه احد اقوى جيوش العالم ومع ذلك يفشل في تغير النظام في ساعتين فهذا دليل على انه جيش هش ومخترق.

لا اتمنى الفوضى في أي بلد عربي او اقليمي وهذا ما اردده من بداية فوضى (الخريف العربي) في 2011م – والذي كان  البعض معه تارة وضده تارة اخرى، بحسب الطرف الذي ستقصده  تلك الفوضى –  وادعوا الان بالاستقرار لتركيا بالرغم من مواقف تركيا المضادة لمواقف المملكة العربية السعودية في مصر والخليج، وبالرغم أن اردوغان اعاد تطبيع العلاقة مع اسرائيل قبل فترة قريبة، وزاد التبادل التجاري مع ايران، وبالرغم من تصريح رئيس الوزراء بأن تركيا ترغب بإعادة العلاقات مع سوريا وهذا كله ضد توجه الدول العربية جميعها، الا ان الفوضى في تركيا ليست في صالح الشرق الاوسط بشكل عام، ولكن اود طرح تساؤل ماذا ستكون وجهة نظر (احزاب اليمين التركية من العرب) لو ان من فعل ذلك كله حاكم عربي ؟

همسه للاردوغانيين.. لا ارى علاقة للسيسي فيما حصل حتى يتم استجلاب اسمه في كل حدث، ولكن لان الشيء بالشيء يذكر، فاذا كان اردوغان عبد صالح نصره الله لتكون كلمة الله هي العليا وخذل اعدائه الانقلابين لانهم اعداء لله ورسوله، فهو نفس السبب الذي نصر الله به السيسي العبد الصالح على جماعة الاخوان في مصر وجعل كلمة الله هيا العليا، واتمنى ان يكون ولائكم لحكامكم مثل ولائكم لاردوغان وتدافعون عن دولكم ضد اعدائها مثل ما فعلتم مع تركيا  ولا نجدكم في(وضعيت الميت) اذا تعرضت بلدانكم لهجمات شرسة من الاعداء.

والسؤال الاخير هل سيكون هذا الانقلاب هو الاخير في تاريخ تركيا الحديث؟ ام انه بداية العودة للانقلابات العسكرية التي لم تترك النظام التركي سواء في ايام العثمانيين فيما يسمى بالخلافة او بعد الجمهورية العلمانية؟.

 

 

 

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.