شارك

“الخلافات بين السعودية وتركيا لن تؤدي إلى قطع العلاقات فيما بينهما”، هكذا استهل الكاتب البريطاني ديفيد جاردنر مقاله بصحيفة “فاينانشال تايمز”، وذكر أن الدولتين أصرتا على إبقاء خط التعاون بينهما، وبدا ذلك بوضوح خلال زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز إلى أنقرة في إبريل الماضي.

وذكر “جارنر” أن المملكة وتركيا تعدان من أهم القوى السنية في الشرق الأوسط، والتي توفر الدعم للمعارضة السورية منذ اندلاع الانتفاضة التي شهدتها سوريا منذ أكثر من خمسة أعوام ضد نظام بشار الأسد، بعيدا عن أي تنسيق مع أمريكا، كما أن الدولتين امتعضا من التدخل الروسي لإنقاذ النظام السوري الذي كان على وشك الانهيار أمام المعارضة، بل وهددا بالتدخل المباشر للرد على تدخل موسكو.

إلا أن التوافق السعودي التركي ربما ينتهي عند هذا الحد، بحسب الكاتب، مرتئيًا أن شبح الخلافات التاريخية بين البلدين “مازالت تلوح في الأفق”، قائلًا إن العثمانيين تدخلوا في القرن التاسع عشر لتدمير الدولتين السعودية الأولى والثانية، وهو ما لم تنساه العائلة الحاكمة حتى الآن.

وأضاف أن السياسات التي يتبناها الأتراك منذ وصول رجب طيب أردوغان إلى السلطة منذ 14 عاما، لا تبدو مريحة للمملكة، إذ روج أردوغان لنظامه باعتباره إسلاميا ديمقراطيا موازيا للنموذج المسيحي الغربي، بل ومتحالفا معه، لينزلق بعد ذلك نحو نظام رئاسي سلطوي ليتحول النظام في تركيا إلى نموذج الرجل الواحد الموازي لنموذج السلطان العثماني.

في الوقت الذي يتشابه فيه البلدان في موقفهما من الغرب، إذ تعد السعودية أهم حلفاء أمريكا، بينما تبقى تركيا أحد أهم أعضاء حلف الناتو، بحسب الكاتب، إلا أن رد فعلهما كان متباينا تجاه المتغيرات التي تشهدها المنطقة خاصة مع عودة الدور الروسي بقوة للشرق الأوسط، في ظل رئاسة فلاديمير بوتين.

وأوضح الكاتب أن أنقرة اختارت المواجهة مع موسكو بإقدامها على إسقاط الطائرة الروسية على الحدود مع سوريا في أواخر العام الماضي، بينما اختار نائب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان لصياغة علاقات أكثر عملية وتوازنا مع الحكومة الروسية، رغم الخلافات الكبيرة بين البلدين حول الصراع الذي تشهده سوريا.

ورأى أن الموقف السعودي من الأزمة السورية لا يستهدف في الأساس عائلة الأسد، وإنما الدور الإيراني في سوريا، في الوقت الذي تحرك فيه الأتراك نحو تطوير علاقتهم مع طهران خاصة على المستوى التجاري، الأمر الذي ربما يثير شكوك المملكة حول النوايا التركية تجاهها.

واختتم بقوله إن الخلافات بين الرياض وأنقرة تمتد كذلك إلى الأوضاع في مصر، إذ كان أردوغان أحد أكبر داعمي الإخوان في مصر، في حين دعمت المملكة وحلفاؤها الخليجيين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بل وقدموا معونات تقدر بالمليارات لاحتواء الأوضاع الاقتصادية في القاهرة.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.