شارك

مع بداية هذا الشهر أعلنت السعودية عن نيتها “إرسال قوات برية إلى سوريا”، الأمر الذي دفع عددا من دول الخليج الأخرى لاتخاذ الخطوة نفسها، من بينها الإمارات والبحرين وحتى قطر، بحسب ما ذكر الكاتب الأمريكي ماثيو مسينس، إلا أن التساؤل الذي يطرح نفسه يدور حول جدوى مثل هذه الخطوات وتأثيرها على الوضع في سوريا خلال المرحلة المقبلة.

الكاتب الأمريكي قال، في مقاله بمجلة “نيوزويك” الأمريكية إن التحركات العربية تأتي في الوقت الذي يتزايد فيه النفوذ الإيراني في الداخل السوري، والتراجع الكبير لحركات المعارضة السورية المدعومة من قبل المملكة وذلك بفضل الدعم الروسي الإيراني لنظام بشار الأسد في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى فشل محادثات السلام في جنيف في إحراز أي تقدم في هذا الإطار، وهو ما يزيد التكهنات باحتمال تحول الحرب بالوكالة بين السعودية وإيران إلى مواجهات أكثر مباشرة.

بين التهديد والسخرية

السؤال الأكبر هو كيف سيكون رد فعل إيران، والنظام السوري، لتحرك المملكة وحلفائها إلى داخل الصراع السوري بشكل مباشر، بحسب الكاتب، خاصة وأن كلا النظامين أدان الإعلان السعودي، وإن كانت تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم كانت الأكثر قسوة في هذا الإطار حيث هدد بأن “القوات السعودية سوف تعود إلى أراضيها في صناديق خشبية إذا ما أقدمت على الدخول إلى الأراضي السورية”.

بينما كانت التصريحات الإيرانية في مجملها تدور بين السخرية والتقليل من شأن التحرك السعودي، حيث وصفها أحد قادة الحرس الثوري الإيراني بـ”المزحة”، بينما وصفها آخر بـ”دعاية غبية من قبل النظام السعودي”، وفق تعبيره، في حين زعم مسئول ثالث أن النجاح السعودي في سوريا ربما يكون محل شك بعد الخسائر التي تكبدتها المملكة في اليمن، بينما تناول عدد آخر من المسئولين الإيرانيين أن التدخل السعودي في سوريا سوف يترك تداعيات بالغة السوء على المملكة وتركيا وإسرائيل بل وأيضا الولايات المتحدة وأوروبا.

ما وراء التصريحات

إلا القلق يبقى متواجدا بقوة لدى الجانب الإيراني خلف تصريحاتهم الواثقة، هكذا يقول الكاتب الأمريكي، مرجعا ذلك إلى أن السياسات التي تتبناها المملكة منذ تولي العاهل السعودي الملك سلمان عرش المملكة في العام الماضي كانت “أكثر جراءة”، خاصة بعد الحملة العسكرية التي قادتها السعودية على الحوثيين في اليمن، والتي اعتبرها البعض بمثابة قرارا متهورا وغير متوقعا.

وأضاف الكاتب الأمريكي ماثيو مسينس أن الحكومة الإيرانية كذلك لا تأمن تحركات نائب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي يشغل منصب وزير الدفاع في المملكة، والذي يشرف كذلك على العملية العسكرية باليمن، موضحا أن الإيرانيين ينظرون إليه باعتباره متهورا، وبالتالي فمن الصعب على طهران أن تتوقع خطواته القادمة.

دعم لوجيستي واستخباراتي

من جانب آخر، القيادة الإيرانية تدرك أن نشر القوات السعودية والإماراتية على الأرض في سوريا سوف يحظى بدعما لوجيستيا واستخباراتيا من قبل الولايات المتحدة، كما أن تركيا هي الأخرى ربما تقوم بتقديم الدعم للتحرك السعودي في سوريا، في ظل تشابه المواقف فيما بينهما تجاه نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وأضاف ماثيو مسينس أن الحكومة الإيرانية لا تخشى ربما من تداعيات التدخل السعودي والإماراتي على الواقع السوري، بقدر ما تخشى من وقوع مواجهات مباشرة بين قواتها والقوات السعودية في سوريا، في ظل إدراك الحكومة الإيرانية أن التدخل السعودي لا يستهدف بأي حال من الأحوال تنظيم داعش الإرهابي، وإنما تقديم الدعم للمعارضة السورية ضد النظام.

واختتم الكاتب مقاله بقوله إنه من المتوقع أن تزداد حدة الخطاب الإيراني خلال المرحلة المقبلة، حيث أنها سوف تسعى لردع أي تحرك عربي في سوريا، حيث إن الحكومة الفارسية ربما مازالت تحسب خطواتها الدبلوماسية والعسكرية بناء على ما تريد مواجهته أو تحاشيه خلال معركتها في سوريا، خاصة وأنه تسعى بقدر الإمكان تجنب أي مواجهة مع القوات الأمريكية في سوريا.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.