شارك

هناك ما يجعل الداعية فتح الله كولن المشتبه به الرئيس في تدبير الانقلاب الفاشل فيتركيا الأسبوع الماضي، هكذا يقول الكاتب التركي مصطفى أكيول، في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، موضحا أن الهيكل الهرمي لجماعة كولن تضعه مشتبها به رئيسا في المسألة.

ورأى الكاتب أن المؤامرة جاءت في وقت كان من المفترض أن يزمع فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تطهير القوات المسلحة من المشتبه بأنهم من أتباع رجل الدين التركي البارز. والذي يقيم حاليا في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة.

وأشار إلى أن أحد المتورطين في الانقلاب اعترف بأنهم تصرفوا بناء على أوامر من حركة كولن، موضحا أن أتباعه لا ينظرون إليه باعتباره عالم دين فحسب، وإنما ينظر إليه باعتباره المهدي المنتظر الذي سوف ينقذ العالم الإسلامي بل والعالم برمته في نهاية المطاف

العديد من أنصار كولن يعتقدون بأن زعيمهم يرى في منامه النبي محمدا- صلى الله عليه وسلم-، ويتلقى منه الأوامر، بحسب الكاتب التركي، مضيفاً أنه إلى جانب أن الرجل يتمتع بسلطة لا يرقى إليها الشك فإن أحد الملامح الرئيسية لحركته تكمن في تسلسلها الهرمي، إذ أنها تشبه الهرم في قوامها، وتصدر الأوامر العليا من قبل كبار الأئمة، لأئمة المستوى الثاني، الذين ينقلون التعليمات إلى أئمة المستوى الثالث، وهكذا تنتقل الأوامر إلى أن تصل إلى القواعد الأساسية.

ويتساءل الكاتب ما الذي تفعله الحركة؟ ويجيب هو نفسه قائلاً إن أبرز أنشطتها الظاهرة تشمل فتح المدارس، وإدارة الجمعيات الخيرية، ومراكز للحوار تدعو للمحبة والتسامح والسلام.

ومع إقراره بأنه لا غضاضة في ذلك بطبيعة الحال، فإن أكيول ينقل عن أحد أتباع غولن، والذي خاب ظنه بالجماعة القول إن هناك جانباً مظلماً للحركة يعلمه قليل من أعضائها، حيث أن الحركة ظلت تتغلغل لعقود طويلة من الزمن في مؤسسات الدولة التركية كالشرطة والقضاء والجيش، ويعتقد كثيرون بأن بعض “الغولنيين” يتلقون الأوامر من أئمتهم، ويخفون هوياتهم، ويحاولون الترقي عبر تلك المؤسسات من أجل الاستيلاء على سلطة الدولة.

ويلفت الكاتب الانتباه إلى أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه سبق أن تحالفا مع كولن ضد العلمانيين في تركيا؛ إذ كان الرئيس التركي يرى في كوادر كولن داخل مؤسسات الدولة سنداً له في وجه العلمانيين، إلا أن هذا التحالف لم يصمد طويلا، وما لبث أن انفرط عقده.

ويعود الكاتب لينقل عن صديقه الذي خاب ظنه في الحركة أن غاية الجماعة عظيمة، لكن عندهم كل الوسائل لبلوغها مبررة، موضحا أن محاولة الانقلاب الأخيرة ضد النظام التركي تعد الأكثر تدميرا في تاريخ الانقلابات العسكرية التي شهدتها تركيا طيلة تاريخها.

واختتم الكاتب مقاله بالقول إن الحقيقة لن تظهر إلا عبر محاكمة عادلة للمتورطين بالانقلاب، موضحا أن النظام التركي لا يحسن ذلك بالنظر إلى سيطرة أردوغان على القضاء وحالة الاستقطاب المحموم التي تشهدها بلاده حاليا.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.