شارك

“البيت الأبيض ما زال يراهن على وهم بدعمه أشخاص بعينهم لقيادة الدولة العراقية”، هكذا استهلت صحيفة “واشنطن بوست” مقالها الافتتاحي، اليوم الأربعاء، قائلة إن العراق لا يمكن أن يبقى حيا في ظل نظام يسعى إلى تركيز السلطة في العاصمة بغداد، معتبرة أن ذلك “يؤدي إلى انقسامات بين الشيعة، فضلا عن سياسات التهميش التي تنتهج ضد الأكراد والعرب السنة”.

وذكرت الصحيفة الأمريكية البارزة أن سياسة واشنطن في العراق ركزت على دعم حكم الفرد، وهو النهج الذي فشل في كثير من الأحيان في تحقيق الطموحات الأمريكية، موضحة أن البيت الأبيض ينبغي أن يدرك بأن الأوضاع الراهنة لا يمكن أن تحتمل، وبالتالي فعلى إدارة الرئيس باراك أوباما العمل على معالجة الأخطاء الحالية.

وأشارت إلى الدعم الكبير الذي قدمته الإدارة الأمريكية عقب إعادة انتخاب أوباما، لرئيس الوزراء نوري المالكي، “الأمر الذي جر البلاد إلى عواقب وخيمة، في ظل النهج الطائفي الذي كان يتبناه المالكي وأسهم بشكل كبير في تمزيق النظام السياسي الهش، وفتح الطريق أمام نشوء وتغول تنظيم داعش”، مشيرة إلى أنه بعد رحيله في 2014 عادت واشنطن لتراهن من جديد على رئيس الوزراء الحالي، حيدر العبادي، ومازالت متمسكة به رغم فشله في حكم البلاد أو تحقيق مصالحة بين الطوائف العراقية المختلفة.

عجز العبادي ثبت جلياً يوم السبت الماضي، هكذا تقول “واشنطن بوست”، عندما اقتحم أنصار التيار الشيعي مقتدى الصدر المنطقة الخضراء المحاطة بالأسوار، وذلك بهدف الضغط على مجلس النواب للتصويت على حكومة تكنوقراط، واستبدال النظام الفاسد، ونظام المحاصصة الطائفي.

وأضافت الصحيفة أن اتجاه إدارة أوباما نحو تقوية موقف رئيس الوزراء العراقي الحالي جاء في وقت حرج، حيث أعلنت صراحة عن كامل دعمها للعبادي، وهو الأمر الذي تجلى بوضوح  خلال الزيارة التي قام بها نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إلى بغداد منذ أكثر من أسبوع، والذي أعلن للصحفيين المرافقين له أن هذه الزيارة تمثل مدى إيمان إدارة أوباما برئيس الحكومة حيدر العبادي، معرباً عن تفاؤله بحكومته.

بقاء العبادي في السلطة سيعتمد بدرجة كبيرة على قدرة إيران على تسوية خلافات الأحزاب الشيعية، بحسب الصحيفة الأمريكية، رغم أن إيران أثبتت عدم قدرتها على معالجة المشكلة السياسية الأساسية بالعراق، والتي تتمثل بالانقسام بين الشيعة والسنة والأكراد، وهو ما يؤكد أن بقاء العراق على قيد الحياة في ظل النظام الحالي يبدو أمر غير ممكنا على الإطلاق، وبالتالي فيجب أن تقبل إدارة البيت الأبيض بذلك، بحسب الواشنطن بوست.

واستطردت “واشنطن بوست” أن الببيت الأبيض ركز بصورة كبيرة على شعار العراق الموحد منذ سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي على عدد من المدن السنية في العراق في العام قبل الماضي، وهو الشعار الذي رددته بغداد أيضا، وبالتالي حرمت حكومة الحكم الذاتي في كردستان العراق من الموارد التي تحتاج إليها لمحاربة الإرهاب، بالإضافة كذلك لغياب قوة سنية فاعلة يمكن الاعتماد عليها للسيطرة على المناطق التي يتم تحريرها من قبضة التنظيم المتطرف.

واختتمت الصحيفة بالقول إن الأزمة الأخيرة يجب أن تدفع إدارة البيت الأبيض إلى إعادة النظر بسياستها في العراق، فالقادة الأكراد أعلنوها صراحة بأن الهيكل السياسي في العراق انهار، وأن على واشنطن إقامة علاقة أوثق مع حكومتهم الإقليمية، كما أن على واشنطن تشجيع إقامة دولة اتحادية مماثلة لدولة الأكراد في المناطق السنية بالعراق، أما في حال الإصرار على بقاء العراق موحداً فإن ذلك سيكون بالرهان على القوة وزيادة الإيرادات.

 

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.