شارك

مع امتداد الصراع في سوريا وانتشاره خارج الحدود، كانت هناك شكوك كبيرة بأن الحل العسكري الأمريكي سوف ينهي العديد من المشكلات السياسية والدينية المعقدة داخل الأزمة، بحسب “واشنطن بوست”، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مازالت مترددة في التدخل العسكري لأسباب إنسانية، على الرغم من أنها لم تتحرك على نطاق واسع على المستوى الإنساني.

وأضافت الصحيفة الأمريكية البارزة أن الولايات المتحدة لعبت دورا كبيرا على المستوى الإنساني خلال العقود الماضية، من خلال استقبال اللاجئين، إلا أن الأمر لم يعد كذلك الآن، حيث أن الدور الإنساني الذي لعبته واشنطن منذ اندلاع الأزمة السورية لم يتجاوز الدور الذي لعبه الاتحاد الأوروبي، وكلاهما لم يتمكن من القيام بالدور الكافي لاحتواء الوضع الإنساني المتأزم في سوريا.

الموقف الأمريكي من اللاجئين وضع إدارة أوباما في موقف محرج للغاية، هكذا تقول الصحيفة، حيث تعهدت الولايات المتحدة باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري، بينما في الواقع لم تستقبل أكثر من 2200 لاجئ فقط العام الماضي، في الوقت الذي قامت فيه كندا بتوطين حوالي 25 ألف سوري، وسجلت ألمانيا ما يزيد عن نصف مليون طلب لجوء خلال عام 2015 فقط.

إلا أن المقارنة ربما لا تبدو واضحة بين الولايات المتحدة من جانب وكندا وألمانيا من جانب آخر،، نظرا للتقارب الكبير في الإمكانات، حيث أن أغنى دول العالم تقف الان في موقف مخجل للغاية إذا ما قورنت مع نظرائها الفقيرة، فعلى سبيل المثال تستضيف لبنان حوالي مليون لاجئ سوري، في حين أن 650 ألف سوري يعيشون حاليا بالأردن، وبالتالي فينبغي أن تنال هذه الدول مساعدات بشكل يختلف عن المساعدات التي يحصلون عليها الآن.

وأضافت الصحيفة الأمريكية البارزة أن واشنطن دائما ما تأخذ زمام المبادرة فيما يخص الأعمال الإنسانية، وبالتالي تشجع الدول الأخرى على تقديم التبرعات واستضافة اللاجئين، وهو ما تتحرك فيه الإدارة فعليا في المرحلة الراهنة، ولكن مازالت الجهود الأمريكية لا تتناسب إلى حد كبير مع المعاناة التي يعيشها السوريين.

المأساة السورية، في رؤية قطاع كبير من المتابعين والمحللين، ربما تتطلب تدخلا عسكريا أمريكيا لإنشاء مناطق آمنة في البلاد، إلا أن ذلك ربما لا يمكن تحقيقه بدون وجود شريك قوي على الأرض، بالإضافة إلى ضرورة وجود نظام سياسي مدعوم من قبل السوريين ليكون فعالا، بحسب “واشنطن بوست” وبالتالي فإن غياب هذه العناصر سوف يحول أي تدخل عسكري إلى حالة من الفوضى والاحتلال وربما يؤدي إلى تكرار المأساة التي عاشتها القوات الأمريكية في العراق.

وذكرت الصحيفة أن واشنطن ينبغي أن تركز على الجهود الإنسانية في المرحلة الراهنة، من خلال التمسك بالتقاليد الأمريكية، مطالبة الرئيس أوباما بمخاطبة الكونجرس لقيادة جهود أكثر تعاونية تقوم على تقديم المزيد من المساعدات للاجئين السوريين، وكذلك استقبال عدد أكبر من اللاجئين على الأراضي الأمريكية.

وطالبت أوباما بتجاهل الانتقادات المتوقعة من قبل الجمهوريين، وخاصة المرشح للرئاسة دونالد ترامب، والذين سوف يرفعون شعار الإرهاب لمواجهة أية جهود إنسانية تهدف إلى احتواء أزمة اللاجئين في سوريا، موضحة في الوقت نفسه أنه ينبغي تعيين الرؤساء الأمريكيين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش كسفراء للبلاد للعمل الإنساني في سوريا.

وأشارت الصحيفة إلى مواقف مشابهة في التاريخ الأمريكي عندما عارضت غالبية كبيرة استقبال اليهود الألمان، في الثلاثينات من القرن الماضي، أثناء محارق هتلر، كما عارضوا استقبال المجريين بعد الغزو السوفيتي في الخمسينات، إلا أن قادة الولايات المتحدة أصروا على استضافتهم وقبولهم، ليصبحوا فيما بعد أطراف فاعلة ومهمة داخل المجتمع الأمريكي.

  واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول بأن أوباما كان جريئا في العديد من المواقف حيث تبنى العديد من السياسات، التي كان يعلم بموقف الكونجرس الرافض لها، لإحداث قدر من التغيير في طريقة الحوار، ولكن يبقى التساؤل لماذا لم يتعامل بنفس الجرأة مع الأزمة الإنسانية في سوريا، خاصة وأنه لا يستعد لدخول الانتخابات ولم يعد أمامه سوى عدة أشهر في البيت الأبيض.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.