شارك

تجاهل أمريكي كبير للقلق التركي جراء استمرار الدعم الذي تقدمه إدارة الرئيس باراك أوباما للأكراد في سوريا، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”، خاصة وأن واشنطن قررت منح المقاتلين الأكراد المشاركة في الحملة العسكرية التي تهدف في الأساس للسيطرة على بلدة منبج، والتي تعد المنفذ الوحيد الذي يربط تنظيم “داعش” بتركيا والعالم الخارجي.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية البارزة أن مقاتلين من الأكراد والعرب يشاركون في الحملة العسكرية، والتي تشنها ما تسمى بـ”قوات سوريا الديمقراطية”، من أجل السيطرة على البلدة من قبضة التنظيم الإرهابي، وهو الأمر الذي اعتبره قطاع كبير من المحللين تجاهلا أمريكيا صريحا لمعارضة الحكومة التركية للمشاركة الكردية في هذه العملية، في ظل الصراع الكبير بين الحكومة التركية والأكراد منذ العام الماضي.

العملية العسكرية تأتي بمباركة واشنطن، هكذا تقول الصحيفة، حيث أن قوات كوماندوز أمريكية رافقت قوات سوريا الديمقراطية، أثناء توغلها شمالا نحو البلدة السورية، كما شنت طائرات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، غارات جوية مكثفة على المنطقة، لتمهيد الطريق أمام القوات المشاركة في العملية البرية، وذلك في إطار الجهود التي تهدف لحصار التنظيم المتطرف.

وتبرز أهمية البلدة السورية في موقعها الجغرافي، بحسب “واشنطن بوست”، إذ تقع على الطريق الرئيسي الذي يستخدم من قبل المقاتلين الأجانب الراغبين في الانضمام للتنظيم المتطرف، عبر الحدود بين سوريا وتركيا، وبالتالي فإن المسؤولين الأمريكيين يرون أن السيطرة على البلدة ستمنع انضمام مزيد من المقاتلين للتنظيم، كما سيزيد الضغوط بصورة كبيرة على مدينة الرقة التي تعد بمثابة عاصمة داعش في سوريا.

إلا أن الغضب التركي يبدو التحدي الأبرز في هذا الإطار، حيث أكدت الحكومة التركية معارضتها الكاملة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والتي تتكون غالبيتها من قوات حماية الشعب الكردية، بحسب الصحيفة الأمريكية، خاصة وأن الأتراك يرون تلك الوحدات العسكرية بمثابة أحد الأذرع العسكرية لحزب العمال الكردستاني، والذي تتعامل مع تركيا باعتباره تنظيما ارهابيا.

وأوضحت الصحيفة أن وحدات حماية الشعب تتبع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، والذي أعلن مؤخرا أجزاء من سوريا كمناطق حكم ذاتي له، وهو الأمر الذي تخشاه تركيا، حيث أن استمرار تقدم الأكراد سوف يفتح الباب أمامهم لدخول مناطق ذات أغلبية عربية، وبالتالي قد تتوسع مناطق حكمهم وهو الأمر الذي يعزز النزعات الانفصالية لدى الأكراد في تركيا.

المسؤولون الأمريكيون، من جانبهم، أكدوا أن القوة التي تتقدم نحو البلدة السورية هي قوة عربية خالصة حيث تتراوح نسبة المقاتلين العرب فيها بين 80 و90 بالمائة، موضحين أن قوات حماية الشعب الكردية تعهدت بعدم التقدم نحو البلدة أو السيطرة عليها بعد تحريرها من قبضة الميليشيات المتطرفة.

واستطردت “واشنطن بوست” أن العملية العسكرية تعكس بصورة كبيرة أن الولايات المتحدة تخلت تماما عن فكرة التنسيق مع الجانب التركي لإعادة السيطرة على البلدة، وذلك من خلال الاعتماد على قوات من المعارضة السورية المعترف بها من واشنطن وأنقرة، خاصة بعد أن تمكن مقاتلو داعش من صد هجوم شنته قوات من المعارضة السورية على بلدة مارع.

واختتمت بأن داعش لم يتمكن فقط من صد الهجوم الذي استهدفه، وإنما تمكن أيضا من توسيع مناطق سيطرته بصورة كبيرة، ما جعل المعارضة السورية غير قادرة على شن مزيد من الهجمات على التنظيم المتطرف، وبالتالي لم تعد تقاتل سوى للحفاظ على بقائها، وهنا لم يعد أمام الأمريكيين سوى دعم الأكراد.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.