شارك

القرار الذي اتخذته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بإحالة ممثل كوميدي سخر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للتحقيق الجنائي، بمثابة الفدية التي يتم دفعها للخاطف من أجل تحرير رهائنه، وبالتالي ربما تقدم حلا لمشكلة عاجلة، بينما تمثل في الواقع سابقة خطيرة، بحسب “نيويورك تايمز”.

وذكرت الصحيفة الأمريكية، في مقالها الافتتاحي اليوم الثلاثاء، أن الخيارات المتاحة أمام ميركل كانت محدودة للغاية، فإما استرضاء الرئيس التركي، أو تقويض الاتفاقية التي عقدها الاتحاد الأوروبي، والتي تضمن تقديم حلول لمشكلة اللاجئين التي تمثل تهديدا كبيرا للاتحاد في المستقبل، والذي تقبل تركيا بمقتضاه اللاجئين العائدين من اليونان في مقابل تقديم المساعدات لأنقرة، وتسريع مفاوضات انضمامها للاتحاد الأوروبي.

الإجراء الذي اتخذته المستشارة الألمانية يثير العديد من التساؤلات حول احتمالية أن يقوم الرئيس التركي، أو غيره من القادة الديكتاتوريين الآخرين بتقديم مطالب مشابهة في المستقبل، بحسب الصحيفة الأمريكية البارزة.

وأوضحت “نيويورك تايمز” أن المستشارة الألمانية ربما ترى أنها قد اختارت الخيار الأقل ضرر ا بالنسبة لها، خاصة وأن تدفق اللاجئين بصورة كبيرة ربما يضر كثيرا ليس فقط بمصلحة ألمانيا، ولكن ربما يقوض مستقبل الاتحاد الأوروبي كله، ، حيث أنها قررت تحويل القضية برمتها، تحت ضغوط تركيا للنيابة من أجل التقرير ما إذا كان الممثل الكوميدي ينبغي أن يحاكم بتهمة إهانة رئيس دولة أجنبية أم لا.

كان الممثل الكوميدي الألماني يان بويمرمان قد ألقى قصيدة في مارس الماضي، سخر خلالها من الرئيس التركي، مصورا إياه بالشخص الذي يمارس الجنس مع الحيوانات، بينما يضرب الأكراد، ويضع القيود على المسيحيين، في حين أنه حريص على مشاهدة الصور الإباحية للأطفال، وهي القصيدة التي دفعت السلطات التركية إلى استدعاء السفير الألماني، والمطالبة بمحاكمة الفنان الساخر.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن مطالبات الرئيس التركي تجاوزت إلى حد كبير مجرد محاكمة الفنان الساخر، بينما امتدت إلى مطالبة المستشارة الألمانية بالاعتراف بأن السخرية منه خطأ غير مقبول، خاصة وأن السخرية لا تعد مادة للضحك في عرف أردوغان، حيث أن أكثر من 1800 قضية تم فتحها ضد أشخاص تم اتهامهم بإهانة الرئيس، ويسعى النظام التركي لإجبار الغرب على قبول نهجه وإضفاء قدر من الشرعية له.

وأوضحت “نيويورك تايمز” أن أردوغان يسير على نفس النهج الذي يتبناه نظيره الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينج، حيث أنهم يسعون من أجل، ليس فقط الاعتراف بشرعية أحكامهم الاستبدادية، ولكن الاعتراف بأهمية وفاعلية مثل هذه الأساليب القمعية في الحكم.

وأفادت بأن حرية الهجاء، سواء للقادة السياسيين أو الأديان، كما في حالة صحيفة “شارلي إيبدو”، يعد محل اختلاف كبير بين الأنظمة الديمقراطية ونظيرتها الاستبدادية، خاصة وأن مسألة حرية التعبير غالبا ما تكون ليست محلا للتفاوض بالنسبة للأنظمة الاستبدادية.

واختتمت الصحيفة الأمريكية، بالقول إن ميركل ربما تكون محقة في قلقها جراء تدفق اللاجئين على أوروبا، وهي القضية التي لا يمكن أن تجد لها حلا بعيدا عن تركيا، إلا أنه ينبغي أن يكون واضحا لأردوغان أن حرية التعبير ليست على طاولة المفاوضات مع الغرب

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.