ميسون الخميس: قل لي كيف تفكر، أقول لك من أي الأحزاب أنت

ميسون الخميس: قل لي كيف تفكر، أقول لك من أي الأحزاب أنت

شارك

عندما أعجز عن تفسير حدث ما، فإني أحاول أن أقسّم الحدث نفسه إلى أجزاء وأن أعود به إلى بداياته لأفهم على الأقل جزءًا مما يحدث.

نعيش في فترة حرجة، زرع الفتن أصبح (شغلة الحاقد الفاضي)، خيانة الوطن وبيعه أصبح كبيع الخبز، وما أكثر من يشترونه، والتعصب أصبح قوة، ومن يخالفنا الرأي فهو إما ملحد أو إرهابي…

منذ طفولتنا وطفولة من سبقونا ونحن لا نستطيع تغيير ثقافتنا الموروثة، فتغيير حتى السيء من الموروث هو تحدي للجماعة والمجتمع، وسبب رئيسي للتهميش والتحقير والتجاهل، وربما يومًا إبعاد، وثم إقامة حد اجتماعي يذكرك بزلة لسانك عندما فكرت فقط بالتعبير عن رأيك عمرك كله وربما عمر ابناءك حتى أحفاد أحفادك، وربما تكني بـ (عيارة) تلازمك ويومًا ما تصبح اسمًا لعائلتك من بعدك.

مجتمعنا يرفض الفكر الحر وربما لا يعرفه حتى، فمنذ المراحل الدراسية الأولى ونحن نٌلقَن ولا نٌفكر، نحفظ ولا نفهم، والويل لنا إن سألنا أو جادلنا، تقديس كل رجل دين وإن كان فاسقًا متخفيًا وراء لحية أمرًا لا جدال فيه، فرجل الدين هو الجنة، وهو الوفاء، وهو الصدق، وهو الأمين المؤتمن.

عانينا من الأنانية الاجتماعية (إلا من رحم ربي) فكان الإنحياز لموروثاتنا كلها، وحتى السيء منها، ولرجال الدين سوآءا كانوا على حق أم باطل، رغم أن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم بُعثَ ليتمم مكارم الأخلاق، تلك الأخلاق الجميلة التي تمتلكها ثقافتنا، وليقوّم فيها ما لا يرضاه عقل، ولا منطق ولا دين ولا إنسانية!

لذلك أصبحنا بكل بساطة بلا عقل، مُنصاعين لما يأمروننا به بلا أدنى تفكير، وكل ما يقوله رجل الدين مصدق، ويجب العمل به، وإن خالفناه فأبواب الجحيم تفتح على مصراعيها لتحول ما تبقى بنا من غباء إلى رماد، فاستغل أصحاب اللحى عقولنا الميتة والمبرمجة على الإنصياع كالقطيع لهم ولأفكارهم وأوامرهم، فجندونا لمصالحهم الشخصية، أو القيادية، أو السياسية، أو المادية.

غرسوا فينا رفض الحوار، وتقبُل الرأي الآخر والمذهب الآخر والدين الآخر، وكل شيء آخر لا يوافق أيًا من أفكارهم، فكان الإرهاب والإلحاد.

تقبل الآخر مهما اختلف عنك.. عوّد صغارك على الحوار ومناقشة الأفكار، لابد أن تقتنع أن نقاشك مع من يخالفونك لن يقلل من قدرك، ولكن ربما يفتح لك أفاقًا جديدة لم تفكر بها تمامًا، تذكر أن الصراخ والشتم نقصًا لك أنت ولمن قاموا بتربيتك، ولا تنسى أنك مجبر أن تعترف أن وطنك ليس لك وحدك، وأن هناك من يخالفك الرأي والمذهب يشاركك فيه، ويعمل لأجله ويحبه ربما أكثر منك.

تقبل الرأي الآخر واحمي وطنك من زارعي الفتن، ربما يأتي عليك يوم لا يقبلك فيه وطن…

( وكما أقول دائمًا أنا لا أُعمم)

ملاحظة:

تعريف بسيط لما نعاني منه ….

الدوغماتية: هي التعصب لفكرة معينة من قبل مجموعة دون قبول النقاش فيها، أو الإتيان بأي دليل ينقضها لمناقشته، أو كما هي لدى الإغريق الجمود الفكري. وهي التشدد في الاعتقاد الديني، أو المبدأ الأيديولوجي، أو موضوع غير مفتوح للنقاش، أو للشك.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.