محمد العمر: متى تخرج الأنثى؟

محمد العمر: متى تخرج الأنثى؟

شارك

النظريات التي ولّدتها ظاهرة الجهل غير اللائق، وغمستها في ظلمات السقوط إلى الهاوية، هي من أوقعت الأنثى بين مفترِسَين، كل منهما على نقيض الآخر، ولكنهما يسيران في الاتجاه نفسه، ولكل منهما رأي منفصل وهو «الجهل أو الضياع»، والتي تمركزت على حصر الأنثى بين التخزين أو المتاجرة، وأقصد بالتخزين، من ستروا عزيمتها، وغيَّبوا دورها الاجتماعي والإنساني إلى جنب الرّجل، كما أسهموا في ظلمها لنفسها حينما تُستغل أو تُكبت.

الأنثى كيان يجتمع فيه الضعف والقوة في آن واحد، فالضعف يكمن في الرغبة، عندما تكون رقيقة المشاعر ومرهفة الحس، وترجو من الرجل حسن المعاملة وطيب المعاشرة، ورأفة المحب، وأماناً عند الخوف، كما هي الأنثى على الأغلب، والقوة حينما تتحمل الشق الآخر من الحياة، وتعسف بها الدنيا لحظة تخلي الرجل عنها، وكذلك عندما تكون عصامية في تحقيق آمالها، وتسعى في إثبات نظرياتها وتتكرر نجاحاتها.

فالأنثى تغرم بمن يفهم آلامها، ويقرأ مشاكلها، ويستمع إلى قولها، ويحضنها بدفء الآراء، وطمأنينة الإيواء، فعلاقة الرجل بالأنثى علاقة ولاء، يسودها احترام عقلها ومنحها حقّها، فهي إنسان له خصائصه وحقوقه، ومقوّمات شخصيّته.

فلا نكون تحت وطأة الظاهرة، والتي ورثناها عن مفاهيم وتقاليد تستهين بقدرات الأنثى وكفاءتها، وكونها مخلوقاً دون مستوى إنسانية الرجل، فمنذ متى كان خطؤها جريمة لا تغتفر؟ والهدوء والحوار معها مسألة فيها نظر؟ فلا بد من نبذ العنف والجريمة، وطلاق الاندفاع وراء غطاء العار ومن يرضيهم ذلك.

فمعاناة الأنثى بالدرجة الأولى هي الرجل، ولا تحيد عنه في أي حال، فهي معه في صراع أبدي، وتتوق إلى الطريقة التي تفضل أن يحبها فيها، وتبحث عن الشئ الذي يجذبه، وتتمنى منه ولو جزءاً يلفت فيه انتباهها، وأن يثق بها وأن يعتبرها شريكاً في صناعة القرار وتحمل المسؤوليات.
ومعاناتها الأخرى هو المجتمع نفسه، فهي، أي الأنثى، تهفو إلى التحليق في سماء حريتها المكفولة، بعيداً عن الانتقادات والرفض، والأحكام المسبقة، كما أنها تكره أن تُظلَم في حقها، فالأنثى إذا أُكرمت أصبحت سحابة ممطرة، وإذا أُهينت عادت صيفاً مقفراً.

فالأنثى تنتظر من الرجل، إما أن يكون طرفاً فاعلاً إيجابياً في حياتها، وإلا فلا حاجة لأن يكون طرفاً معيقاً تجاه طموحها ورغبتها واتخاذ قرارها، وحينها لن تنتظر منه أحكاماً تُلوى فيها ذراعها تحت وطأة استغلال الدين.

فها هي الأنثى ضُرب بها المثل الأعلى في أول التاريخ، وهي الآن في بلداننا يشار لها بالبنان عندما كُرِمت في أكبر محافل العالم وفي مجالات متعددة، لذا أقف احتراماً وتقديراً لكل أنثى أرغمت الجميع على فهمها، وأحسنت صناعة نفسها لتكون متميزة بذاتها.

نقلًا عن “الرؤية” الإماراتية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.