محمد العمر: قانون الجذب التركي

محمد العمر: قانون الجذب التركي

شارك

استطاعت تركيا خلال أقل من عقد تمرير قوتها الناعمة «إعلامياً» عبر آلة الإنتاج الدرامي التي كانت تستهدف فيه الخليج العربي أولاً والدول العربية ثانياً، ما جعل عقل المشاهد يُغرم بالصورة النمطية التركية، والحالة الرومانسية الدرامية، والتي تروّج من خلالها منتجات عدة، سواء كانت السياحية أو التجارية، إلى أن وصلت للسياسية، وهذه الأخيرة سلاح ذو حدين، وهي ما تسمى بقانون الجذب الفكري.

قانون الجذب الفكري ليس جديداً وليس من معطيات القرن الـ 21، ولكنه قانون قديم، إذ إن المصريين القدماء اعتقدوا وجود هذا القانون واستعملوه في حياتهم اليومية، وتبعهم اليونانيون القدماء عامة، ونسي العالم بشأن هذا القانون لفترة طويلة حتى أواسط القرن العشرين.

إن استخدام هذا القانون بطريقة ناعمة لغرض إدارة الأزمات في المنطقة لمصلحة حزب أو تيار له أتباع ومعجبون ورموز يروّج من خلالهم لمفهوم الاعتزاز بالانضمام والتضحية، تحت غطاء الدين وخدمته حتى وإن كانت شعارات زائفة، وأيضاً تمرير ما يتعلق بمسألة التنمية وخدمة المجتمع ورفاهية الشعب، من مبدأ المفاضلات والمقارنات، لاستمالة أصحاب الأهواء والرغبات الشخصية، ستكون له هناك بالتأكيد مخرجات تمس مفهوم الانتماء والولاء للوطن الأم، حيث ينبع انتماء الإنسان إلى وطنه من ارتباطه الوثيق بالمكان والزمان، أما المزايدة عليه بالدين وتجاهل كل أو بعض ما يقدمه الوطن في خدمة الدين أو تطبيق شعائره كلياً أو جزئياً، فهو إجحاف ومؤشر خطر.

بعد حادثة ما يسمى بالانقلاب المزعوم في تركيا، اتضح جلياً خلل مفهوم الوطنية والانتماء الوطني عند ثلة من الخليجيين «الحزبيين» الذين تحولوا لأردوغانيين أكثر من الرئيس التركي وحزبه، وظهر جلياً بعض التصرفات غير المسؤولة من بعضهم من خلال الاستماتة في إثبات الحب والحمية المبالغ فيها، وهذا لا يمكن تفسيره إلا بكونه مجرد إغاظة لمخالفيهم أو جهلاً مركباً، أو حقيقة نظرية خلل الانتماء للوطن والقيادة.

الدرس المستفاد، أن الوطنية في خطر عند أولئك الحزبيين الذين يتشفّون في أبناء وطنهم، وقد يبيعون دُورَهُم لأجل النكايات الحزبية، والمضحك في الأمر أن الأتراك أنفسهم وحتى الإخوان منهم لا يعيرون لشعارات العرب أي اهتمام، بل إنهم طلبوا عدم التدخل في الشأن التركي.

أخيراً ومن وجهة نظري، لو أن محاولة الانقلاب «إن صحت» نجحت، لكانت ستجر تركيا لمنزلق خطر، كما ستجر ويلاتها لمنطقتنا في الخليج.

نقلًا عن “الرؤية” الإماراتية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.