فادي عيد: ليبيا بداية معركة الكبار

فادي عيد: ليبيا بداية معركة الكبار

شارك

مع اشتعال نيران الربيع العربي بليبيا، صورت لنا قناة الجزيرة القطرية أن ما يحدث هو حالة من الحراك الشعبي والسياسي، على غرار ما قامت به قناة الجزيرة في مصر وتونس واليمن .. ألخ، ولكن الحراك الحقيقي الذى كان على الأرض هو حراك أو بالأحرى اختراق استخباراتي غربي بحت، وكشفت لنا الأيام هذا بعد اكتشاف حقيقة قاتل الرئيس الليبي “معمر القذافي” المنتمي للمخابرات الفرنسية، ورغبة رئيس فرنسا “نيكولا ساركوزي” ورئيس وزراء إيطاليا “سيلفيو برلسكوني” في التخلص من الرئيس الليبي، فرئيس وزراء إيطاليا الذى قبل يد “معمر القذافي” أثناء فترة حكمه كان أول من فرح لاغتياله، وبقدر ذلك الفرح لدى بعض رؤساء أوربا وإدارة البيت الأبيض، إلا أن الترقب ثم ترتيب الأوراق لبداية المعركة فرض نفسه في ذلك الوقت على الكرملين، ففي تلك اللحظة تيقن القيصر الروسي “فلاديمير بوتين” أن الحرب الباردة قد بدئت رسميا بين روسيا الاتحادية والغرب.

 

وبعد تلك المرحلة التي تغلبت فيها قناة الجزيرة القطرية إعلاميا، وفرنسا والولايات المتحدة عسكريا، على مجريات الساحة بليبيا بل وعلى الشرق الأوسط كله، انتقلنا تدريجيا إلى مرحلة أخطر.

 

وهى المرحلة الثانية التي تعيش فيها ليبيا حتى الآن، وبدأت بعد تسليم الولايات المتحدة والغرب زمام الأمور في ليبيا إلى التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وميليشياته بجميع توجهاتها القاعدية، وبعد انتشار الفوضى بليبيا باتت تشكل خطر مباشر على جيرانها، وداعم قوى لأحزاب التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم أعضاء وقيادات جماعة الإخوان بمصر، أو حركة النهضة بتونس، أو تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، سواء من خلال زعيم مليشيا راف الله السحاتي “إسماعيل صلابى” المتواجد حاليا بشرق ليبيا بالقرب من حدود مصر الغربية بعد تدشين إمارة درنة كأمارة إسلامية، وتواجد العديد من أصحاب الخبرات الإرهابية السابقة بأفغانستان أو غيرها في شرق ليبيا أيضا مثل “شريف الرضواني” و “فهد الزاز” و”سفيان الحكيم”، أو على الجانب الآخر من حدود ليبيا الغربية مع جارتها الجزائر التي تحولت إلى ملاذ آمن لجميع قيادات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، خاصة بعد هجمات الجيش الجزائري عليهم و هو الأمر الذى جعل قائد كتيبة الموقعون بالدماء وزعيم تنظيم القاعدة بشمال مالي “مختار بلمختار” يلجأ إلى الأراضي الليبية، هذا بجانب الدور الهام الذى يلعبه قائد حركة أنصار الشريعة بتونس وليبيا “خالد الشايب” والدعم اللوجيستي الذى يقدمه قائد المجلس العسكري للثوار في طرابلس “عبد الحكيم بلحاج” لزعيم حركة النهضة بتونس “راشد الغنوشي”.

 

و لم تتأخر مليشيات التنظيم الدولي لجماعة الإخوان في التعدي على سفارات الدول العربية ودبلوماسيها مثل ما حدث لسفارة ودبلوماسيين مصر والإمارات والأردن وغيرها بشكل ممنهج.

 

وفى تلك اللحظات التي نعيشها الآن ننتظر بفارغ الصبر للانتقال إلى المرحلة الثالثة، وظهور منقذ للشعب الليبي سواء من داخل ليبيا، أو خارجها حدودها، وهي اللحظة التي ينتظرها الشعب الليبي الذى ذاق الأمرين، كذلك يستعد لها الكثير من خارج الحدود الليبية، ومن هم خارج الإقليم أيضا، وسواء جاء التغيير من الداخل أو عبر الحدود، فجميع المعادلات السياسية والجيوستراتيجية والعسكرية تجبر جميع من في المنطقة على التخلص من تلك التنظيمات الإرهابية بليبيا، التي اصبحت مأوى لقيادات وأعضاء التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعد نقل الدوحة أعضاء وقيادات هاربين من مصر إلى ليبيا.

 

وتلك المعضلة الإقليمية ليست في حساباتنا نحن فقط، وتذكروا تصريحات القيصر “فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين” عندما قال أثناء الحوار التلفزيوني الذي أجراه يوم 17 أبريل، عندما قال إن العلاقات مع الولايات المتحدة انتهت بعد الأحداث في ليبيا، وليس بعد أحداث شبه جزيرة القرم، فليبيا كانت بداية معركة الكبار، وقد تسلط عليها الأضواء مرة أخرى قريبا، فجولة ليبيا لم تنتهي بعد، وهناك العديد من الأوراق لم تظهر على الساحة.

 

  • الباحث والمحلل السياسي بقضايا الشرق الأوسط

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.