شارك

كانت القمة التي جمعت بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وقادة مجلس التعاون الخليجي، والتي عقدت في العاصمة السعودية الرياض، هي العنوان الأبرز في الصحف العالمية، في ظل التوتر الكبير بين المملكة العربية السعودية وحلفائها الخليجيين، والولايات المتحدة، بحسب ما ذكر المحلل السياسي الأمريكي ماثيو ماكلينس، بسبب التقارب الأمريكي الإيراني، على خلفية الوصول إلى اتفاق نووي بين الدولة الفارسية والقوى الدولية الكبرى في الصيف الماضي، والذي يراه قادة المنطقة بمثابة تهديد كبير لهم.

وأضاف الكاتب الأمريكي، في مقال منشور له بموقع “معهد أمريكان إنتربرايز”، أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتقد النهج التصعيدي بين الرياض وطهران، معتبرا أن هذا النهج يعد السبب الرئيسي في حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي التي تسيطر على منطقة الشرق الأوسط بصورة كبيرة، وبالتالي فإن كلا من المملكة العربية السعودية، وإيران ينبغي أن يدركا أهمية المشاركة خلال المرحلة المقبلة.

التحلي بالمسئولية

خلال القمة، شدد الرئيس الأمريكي على أهمية العمل من أجل أن تتحلى الدولة الفارسية بالمسئولية حتى يمكنها الاندماج مع المنطقة خلال المرحلة المقبلة، بحسب الكاتب، ولكن يبقى التساؤل عما إذا كانت الولايات المتحدة تدرك أن النظام الحاكم في طهران مازال يمثل حكومة ثورية أم أنها تتحول نحو توجه أخر.

وأشار الكاتب إلى الرؤية التي تناولها المستشار السابق للرئيس الإيراني حسن موسوي، في أحد مقالاته الأسبوع الماضي، والذي أكد أن الظروف الراهنة ربما تخدم إيران في ظل تعثر دول مجلس التعاون الخليجي في العديد من النواحي، مطالبا بضرورة أن يلعب المجتمع الدولي، بقيادة الخمسة أعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا، دورا في خلق نظام إقليمي يقوم على التعاون يجمع بين إيران والعراق بالإضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي على غرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي تأسست في عام 1975 إبان الحرب البارد لتسهيل الحوار بين كافة دول القارة.

إخلال موازين القوى

الفكرة التي يقدمها موسوي ليست جديدة على الإطلاق عن الفكر الإيراني المتجذر بالدولة الفارسية منذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، هكذا يقول الكاتب الأمريكي، حيث أن الحكومة الإيرانية ترى أن منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص منطقة الخليج ينبغي أن تدار شئونها من قبل دولها، وتهدف من ذلك إلى تقويض النفوذ الأمريكي، وإبعاد الولايات المتحدة عن منطقة تعد بمثابة ساحة مهمة لها، وهو الأمر الذي يرجع في الأساس لأسباب أيديولوجية مرتبطة بالثورة الإسلامية، بالإضافة إلى الإخلال بموازين القوى في المنطقة لتصبح طهران هي القوى المسيطرة على مقدرات المنطقة، في ظل الدور الأمريكي في حماية أمن منطقة الخليج.

وأشار الكاتب إلى الحملات التي أجراها الحرس الثوري الإيراني في العراق ضد الجيش الأمريكي لسنوات طويلة إبان وجوده في العراق في السنوات التي أعقبت إسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 500 جندي أمريكي، وجرح الألاف منهم، وذلك من أجل تحقيق تلك الأهداف.

محور المقاومة

عندما كانت القوة العسكرية الأمريكية هي السمة السائدة في منطقة الخليج، منذ حرب تحرير الكويت في بداية التسعينات من القرن الماضي، والتي كانت تهدف في الأساس لحماية أمن حلفاء أمريكا في المنطقة، وعلى رأسهم دول الخليج وإسرائيل، لم يكن أمام طهران خيارات كبيرة لمواجهة عزلتها المترتبة على ذلك، هكذا يقول الكاتب، حيث لم تجد الحكومة الفارسية سوى استعراض قوتها العسكرية، ودعم الميليشيات المسلحة، من بينها حزب الله في لبنان لمجابهة الهيمنة العسكرية الأمريكية.

وأشار الكاتب للتجارب الصاروخية التي تجريها الحكومة الإيرانية في المرحلة الراهنة، وفي المقابل تدفع الحكومات الخليجية مليارات الدولارات لتطوير منظوماتها الدفاعية، موضحا أن الصراع السعودي الإيراني ليس صراعا سياسيا عاديا بين متنافسين إقليميين، ولكنه امتداد لمخاوف من جهود طويلة المدى بذلتها طهران من أجل تصدير أيديولوجيتها الثورية من خلال ما يسمى بـ”محور المقاومة”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.