عيسى الحليان: جذور الإرهاب

عيسى الحليان: جذور الإرهاب

شارك

التفجيرات الإرهابية الفاشلة التي اجتاحت بعض مناطق المملكة تؤكد مرة تلو الأخرى أن التعويل على البعد الأمني وحده ليس كافيا وأنه لا يمكن اجتثاث جذور هذا الفكر الضال إلا من خلال قراءة اجتماعية عميقة ممنهجة ومحايدة تتناول الحيثيات والعوامل والمناخات الحاضنة وتتعاطى مع كل الأرضيات الفكرية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأيديولوجية الممهدة لذلك المحفزة له.

ثمة إجماع لا يقبل الجدل بأن الإرهاب كظاهرة مركبة ومعقدة لم ينشأ جزافا ولم ينزل فجأة من زحل أو المريخ، كما أنه ليس ظاهرة وافدة أو عابرة وإنما ظاهرة اجتماعية تقتات على خطوط تغذية فكرية تتمدد في مفاصل الثقافة والمجتمع وأن ثمة دوائر متداخلة، وإن بدرجات مختلفة، من التواطؤ الفكري والتعاطف النفسي، وبالتالي لا يمكن مكافحة هذا الفكر أو التهوين من مرجعياته الفكرية، إلا من خلال إستراتيجية وطنية تقوم على «كشف المستور» آخذة بعين الاعتبار كل العوامل السياسية والدينية والفكرية والاجتماعية والثقافية التي تضافرت منذ نشوء وتكوين هذا الجنين حتى ولادته مشوها.

وهذا بطبيعة الحال لن يحصل أو يتحقق – ولو بدرجات متفاوتة – ما لم نبادر إلى خلق بيئة اجتماعية متسامحة بعيدا عن الإقصاء الفكري ولغة التشكيك وأسلوب الهمز واللمز وذلك لكشف ملابسات هذه الحقبة التاريخية وإيجاد منصات فكرية قادرة على التعامل مع جذور هذه الظاهرة بدلا من التعاطي مع نتائجها المباشرة فقط، خصوصا وأن المعالجات التأصيلية العاجلة لقضايا المنهج القويم في الفكر والاعتقاد لم تعد من نوافل مؤسساتنا الدينية والفكرية والاجتماعية وإنما من تعد اليوم من أجل أولوياتها وأكثرها إلحاحا.

نقلًا عن “عكاظ”

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.