عبدالله بن بجاد العتيبي: السعودية.. إعادة هيكلة الحكومة

عبدالله بن بجاد العتيبي: السعودية.. إعادة هيكلة الحكومة

شارك

حدث مهم جرى في المملكة العربية السعودية يوم السبت الماضي، وذلك بإعلان السعودية مجموعةً كبيرةً من الأوامر الملكية التي يجمعها كلها هو إعادة هيكلة الحكومة السعودية.

تأتي إعادة الهيكلة الحكومية ضمن استمرارية التطوير والبناء والتنمية التي تسير عليها السعودية، وهي شهدت طفرة نوعية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وقد كانت البداية قبل عامٍ تقريباً حين تم إلغاء العديد من المجالس العليا والاكتفاء بمجلسين واحد للشؤون السياسية والأمنية والثاني للشؤون الاقتصادية والتنموية.

كانت القيادة السعودية تعمل على مسارين متوازيين خلال سنةٍ، مستوى بناء الرؤية السعودية 2030 ومستوى التغييرات السريعة لتطوير أجهزة الدولة، وقبل أسبوعين اكتملت الرؤية وأعلن عنها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتتبع هذه الرؤية عدة برامج من أولها بحسب الرؤية، «برنامج إعادة هيكلة الحكومة» و«برنامج التحول الوطني»، وغيرهما من البرامج التي تسعى لتحقيق الرؤية عملياً وتهتم بتفاصيل تنفيذها وآليات عملها.

في رؤية 2030 تمّ شرح برنامج إعادة هيكلة الحكومة بالنص التالي: «إن نمط هيكلة العمل الحكومي عالمياً يتجه نحو المرونة وإعادة الهيكلة المستمرة لتحقيق وخدمة الأولويات الوطنية. وقد تمت الانطلاقة فعلياً في هذا المسار، وذلك بإلغاء المجالس العليا في الدولة، وإنشاء مجلسين، أحدهما للشؤون السياسية والأمنية والآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية، وقد أسهم ذلك في تسريع عملية وضع الاستراتيجيات ورفع كفاءة الأداء وتسريع الإجراءات وعملية اتخاذ القرار، وسنواصل هذا التطوير الهيكلي بصورةٍ شاملةٍ وعلى مراحل بحسب الأولوية».

لقد حرصت على نقل النص كاملاً لإيضاح بعض الأمور، أولاً: أن هذه الأوامر الملكية التي قاربت الخمسين أمراً تصب كلها في إعادة هيكلة الحكومة. ثانياً: أن إعادة الهيكلة هذه تأتي ضمن إطار الرؤية الكبرى للسعودية. ثالثاً: أن إعادة الهيكلة ستكون مرنةً وستتكرر بحسب الحاجة. رابعاً: أنها ستخضع للمراجعة الدائمة والتغيير المستمر كلما كانت الحاجة ملحةً لتوفير الخدمات وتحقيق الأولويات الوطنية.

جاء في الأوامر الملكية، إلغاء بعض الوزارات ودمج بعضها، وتعديل أسماء بعضها وتحويل في الاختصاصات، وإنشاء هيئات جديدة، وتوزيع صلاحيات بعض المؤسسات، وإعفاء بعض المسؤولين، ونقل البعض الآخر لمناصب جديدةٍ مع جملةٍ من التعيينات الجديدة.

من الهيئات الجديدة واللافتة، تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقاً إلى «الهيئة العامة للرياضة» وتحويل «مصلحة الزكاة والدخل» لتكون «الهيئة العامة للزكاة والدخل» وإنشاء «هيئة عامة للثقافة» وكذلك إنشاء «هيئة عامةٍ للترفيه» ونقل الأوقاف من وزارة الشؤون الإسلامية إلى «هيئة عامة للأوقاف» يرأسها وزير العمل والتنمية الاجتماعية. هناك سعي واضح في هذه الأوامر لتخفيف العبء البيروقراطي الثقيل على أجهزة الحكومة، وتطوير جديد لآليات العمل تمكن الهيئات الجديدة من أداء متميزٍ وسلسٍ كما تعيد إدخال أولويات جديدةٍ للعمل الحكومي مثل «الترفيه».

إن «الترفيه» حاجة إنسانية ملحة، وهي تندرج تحت مفهوم «الرفاه» الأكثر شمولاً، و«الرفاه» بما هو غاية للفرد والمجتمع فهو أحد وظائف الدولة والحكومة مكلفة بتوفيره لمواطنيها والمقيمين فيها، فالرفاه مفهوم عام والترفيه أحد تجلياته، وتدخل تحت الترفيه صناعات كبرى في العالم تقدر بالمليارات، منها الترفيه العائلي ومدن الألعاب الضخمة وصناعات تتقاطع مع السياحة ومع الثقافة وأنواع التسلية.

يصح الأمر نفسه على «هيئة الثقافة» التي يفترض أن تكون هي حامية وراعية الثقافة الوطنية، ويجب أن تكون لديها سياسات واضحة وبرامج كبرى ومتعددة ومتشعبة تكون قادرة على احتواء التعدد الثقافي والتاريخي والأنثروبولوجي والفني والفلكلوري في بلد بحجم السعودية، وإعادة التوازن للأولويات الوطنية بحيث يعاد إحياء مكونات أصيلة في الثقافة بعد طغيان بعض الجوانب الأخرى لسنواتٍ مضت.

نقلًا عن “الإتحاد” الإماراتية

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.