شارك

تخوض مختلف الأطراف المسلحة في سوريا سباقا للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في محاولة لتحصين مواقعها تحسبا لأي مشروع فيدرالي محتمل.

ويقول الخبير في الشؤون السورية في جامعة ادنبرة توماس بييريه “تخوض الأطراف الثلاثة (قوات النظام والمقاتلون الأكراد والفصائل المعارضة) سباقا للحصول على الحصة الأكبر من الكعكة، ليس فقط على حساب تنظيم الدولة الإسلامية وإنما أيضا وبشكل غير مباشر على حساب الأطراف الأخرى”.

في وسط سوريا، تمكنت قوات النظام بدعم جوي روسي قبل نحو أسبوعين من طرد تنظيم داعش من مدينة تدمر الأثرية ومن مدينة القريتين التي تبعد أكثر من مئة كيلومتر عنها.

وتمكنت الفصائل المقاتلة والمعارضة في محافظة حلب شمالا وبدعم تركي ومن طائرات التحالف الدولي بقيادة أمريكية، من السيطرة على نحو عشرين قرية وبلدة كان تنظيم داعش استولى عليها قبل عامين، وبينها قبل يومين بلدة الراعي التي تضم نقطة عبور رئيسية للجهاديين من تركيا وإليها.

وفي شمال شرق البلاد، تتقدم قوات سوريا الديمقراطية التي تضم فصائل كردية وعربية نحو محافظة دير الزور (شرق) النفطية التي تشكل كذلك هدفا لقوات النظام.

أما في محافظة درعا الجنوبية، فقد تمكن مقاتلو جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وحركة أحرار الشام الإسلامية من انتزاع ثلاث قرى من أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في اليومين الاخيرين.

تقاسم الحصص

ويرى بييريه أن النظام “عند سيطرته على تدمر، كان يخطط لاستثمار ذلك على الصعيد الدبلوماسي في المفاوضات (…) مع الفصائل”.

وتسعى الفصائل بدورها وفق بييريه “من خلال تقدمها على طول الحدود التركية، ليس لإبعاد تهديد تنظيم داعش فقط، وإنما أيضا لمنع الأكراد بشكل خاص من التقدم في المنطقة، وكذلك لخلق عمق استراتيجي لها في مواجهة الأكراد أنفسهم والنظام”.

ويقول بييريه “حتى اللحظة لا تزال الكعكة كبيرة بما يكفي حتى يجد كل طرف حصته. لكن المراحل المقبلة ستصبح أكثر تعقيدا”، موضحا أنه “في شرق حلب ثمة مناطق هامة بالنسبة إلى النظام والأكراد والفصائل في آن معا”.

وإذا كانت المناطق تحت سيطرة تنظيم داعش مغرية، باعتبار أنها تضم أبرز الحقول النفطية والغاز والزراعات المزدهرة والقطن، وتقدر مساحتها بنحو أربعين في المئة من مساحة سوريا، فمن الممكن جدا أن تضع النظام والفصائل في مواجهة مباشرة من أجل السيطرة عليها.

ويقول الخبير الفرنسي في شؤون التنظيمات الجهادية رومان كاييه في هذا الصدد “لا اعتقد أن الروس والأمريكيين يستطيعون منع حلفائهم للأبد من الاقتتال في ما بينهم”، في إشارة إلى وقف الأعمال القتالية الذي تم التوصل إليه بين قوات النظام وفصائل مقاتلة بموجب اتفاق أمريكي روسي في مناطق سورية عدة من 27 فبراير ولا يزال صامدا.

ويضيف “في حال بقي كل خصوم تنظيم داعش ملتزمين (بالهدنة) تحت إشراف أمريكي روسي، وهذا احتمال ضئيل، فمن شأن استرداد الأراضي تحت سيطرة تنظيم داعش، أن يدفع الأخير للعودة إلى أنشطة في الخفاء الكامل”.

الرقة محط الانظار

وعلى رغم إعلان النظام وقوى المعارضة رفضهما للفدرالية التي أعلنها الأكراد الشهر الماضي في شمال سوريا ومعارضتهما أي مشروع تقسيمي في البلاد حتى الآن، لكن خبراء يعتبرون أن الدول الداعمة للطرفين، وتحديدا روسيا والولايات المتحدة، لا تعارض ذلك عمليا.

ويقول الباحث الزائر في معهد واشنطن فابريس بالانش “يبدو أن الولايات المتحدة وروسيا موافقتان على الفدرالية في سوريا”، معتبرا أن “إقامة منطقة نفوذ لكل منهما هي طريقة لإضعاف (الرئيس السوري بشار) الأسد”.

وإذا كان الأمريكيون يؤكدون بارتياح أن اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي يستثني تنظيم داعش وجبهة النصرة، سمح لمختلف الأطراف بالتركيز على استهداف التنظيم المتطرف، إلا أن السؤال الرئيسي يبقى من سيتمكن من الوصول أولا إلى الرقة (شمال)، أبرز معاقل الجهاديين في سوريا.

ويوضح مارك تونر أحد المتحدثين باسم وزارة الخارجية الأمريكية متحدثا أن “من يحرر الرقة أولا ليس سؤالا مطروحا في الوقت الراهن”، مضيفا “ثمة الكثير من المعارك الصعبة أمام الأطراف المعنية كافة”.

لكن دبلوماسيا أوروبيا تشارك دولته في التحالف الدولي ضد الجهاديين بقيادة واشنطن أكد أنه “إذا تمكن الروس والنظام من السيطرة على الرقة، فإن ذلك سيشكل خطوة مصيرية. وسيبرهن لأكون صريحا، أنهم ربحوا الحرب وأن الفصائل المعارضة لا تسيطر إلا على جيب صغير في الشمال”.

وأضاف أن هذه السيطرة في حال حدوثها “جيدة لأنها تعني هزيمة داعش، لكنها سيئة في الوقت ذاته لأنها تعني استمرار الحرب الأهلية في سوريا”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.