شارك

من أجل توثيق الجرائم التي ارتكبها الرئيس العراقي السابق صدام حسين، عكف كنعان مكية على دراسة آلاف الوثائق التي تم تهريبها خارج العراق، ليقدم للإدارة الأمريكية بعد سنوات أحد أهم الذرائع التي استخدمتها لتمرير الحرب على العراق، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، ليصبح بعد ذلك أكبر داعم للغزو الأمريكي للعراق، إلى الحد الذي جعله يتابع الأخبار في يوم سقوط بغداد من المكتب البيضاوي جنبا إلى جنب مع الرئيس الأمريكي جورج بوش.

إلا أن الموقف يبدو وأنه قد اختلف كثيرا بعد ذلك، هكذا تقول الصحيفة الأمريكية البارزة، حيث بقى قلم المثقف العراقي صامتا لسنوات ما بعد الغزو ربما من جراء الصدمة التي أصابته نظرا لتدهور الأوضاع في العراق، أو ربما لأنه كان يحاول جاهدا لفهم ما حدث، ودوره الكبير في الكارثة التي ألمت ببلاد الرافدين.

ولأن الكتابة وسيلته الوحيدة للتعبير عما يجيش بصدره طيلة السنوات الماضية، عاد السيد مكية إلى القلم من جديد ليكتب عن مشاعره تجاه حاضر العراق بعد سنوات من الغزو الأمريكي، ولكن في صورة رواية جديدة تحمل عنوان “الحبل”، حيث يرى المثقف العراقي، والذي يعمل كباحث في جامعة برانديس الأمريكية أن فن الرواية يبقى الأكثر قدرة على الوصول إلى أكبر المعاني وأعمق الحقائق حول ما شهدته العراق من أخطاء منذ الغزو الأمريكي وسقوط صدام في عام 2003.

وأضافت “نيويورك تايمز” أن رواية “الحبل”، والتي استلهم الكاتب عنوانها من مشنقة الرئيس العراقي السابق، تقدم ربما أكبر لائحة اتهام للقادة الشيعة في العراق، ومعظمهم كانوا في المنفى بصحبة السيد مكية، عندما كانوا يعارضون صدام سويا، حيث أنهم بعدما سيطروا على مقاليد الأمور في بلادهم مارسوا نفس السياسات وانتشر نفس الفساد.

الرواية، والتي تقدم مجموعة كبيرة من الصدمات والكفاحات التي بذلها العراقيين خلال عقد من الزمان، تأتي بمثابة اعتذار من رجل كان من أكبر الداعمين للغزو الأمريكي لبلاده، هكذا قالت الصحيفة الأمريكية البارزة، حيث أنه كان أحد أهم أسبابها على الرغم من أنها قامت في الأساس على فرضية كاذبة تتمثل في امتلاك النظام العراقي السابق لأسلحة دمار شامل، وبالتالي فإنه يشكل تهديدا كبيرا لأمن الولايات المتحدة، على خلاف الواقع.

ولكن بالرغم من ذلك، تقول الصحيفة، يبقى السيد مكية على تأكيده بأنه غير نادم على موقفه الداعم للحرب، خاصة وأن هذا الموقف يقوم في الأساس على الجرائم والانتهاكات الكبيرة التي ارتكبها الرئيس العراقي السابق، وليس بسبب الدعاوى الأمريكية التي دارت حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل.

يقول المثقف العراقي أنه يأسف على الدور الذي لعبه في منح الشرعية لمجموعة من الرجال، الذين أثبتوا بأنفسهم أنهم غير قادرين على حكم العراق، وهو الأمر الذي أدى بالعراق إلى الصراعات الدامية التي شهدتها طيلة السنوات الماضية. ويضيف “سقط الطاغية، بينما سلم الأمريكيون مقاليد السلطة إلى القادة الشيعة، بينما كانت أبحاثي وكتبي السبب الرئيسي في إقناعهم بالقيام بذلك، ولذلك فأنا أشعر بالذنب الشديد اليوم.”

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.