شارك

أقرت حركة النهضة الاسلامية في تونس الأحد خلال مؤتمرها العاشر الفصل بين نشاطاتها الدينية والسياسية، بهدف التأقلم مع التطورات الجارية في هذا البلد الذي لا يزال بمنأى عن النزاعات الدامية التي ضربت بقية دول الربيع العربي.

وقال راشد الغنوشي رئيس النهضة والزعيم التاريخي للقوة الاولى في البرلمان “نتجه بشكل جدي وتم تبني ذلك اليوم باتجاه حزب سياسي وطني مدني ذي مرجعية إسلامية ويعمل في إطار دستور البلاد ويستوحي مبادئه من قيم الإسلام والحداثة”.

وأصبح هذا التحول رسميا بعد اعتماده من المؤتمر العاشر للحركة المنعقد في منتجع الحمامات السياحي جنوب العاصمة التونسية.

وقدم مسؤولو النهضة هذا التحول باعتباره نتيجة تجربة الحكم ومرور تونس من الاستبداد إلى الديمقراطية إثر ثورة 2011.

وأضاف الغنوشي الذي يتوقع أن يعاد انتخابه رئيسا للحركة، “ان دستور البلاد نص عى استقلالية منظمات المجتمع المدني عن الاحزاب. ونحن إذن نستجيب لتطور داخلي في البلاد”.

البناء

ويقول رفيق عبد السلام وزير الخارجية السابق وصهر الغنوشي لوكالة فرانس برس “لم يعد هناك حاجة للإسلام السياسي الاحتجاجي في مواجهة الدولة، نحن الآن في مرحلة البناء والتأسيس، نحن حزب وطني يعتمد المرجعية الإسلامية ويتجه إلى تقديم إجابات أساسية على مشاغل واهتمامات التونسيين في الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية”.

ويتلاءم هذا التغيير في مسار حركة النهضة مع اقتناعات غالبية الشعب التونسي، اذ افاد استطلاع اخير للراي ان 73% منهم يؤيدون “الفصل بين الدين والسياسة”. واجرت مؤسسة سيغما التونسية هذا الاستطلاع بالتعاون مع المرصد العربي للديانات والحريات ومؤسسة كونراد اديناور.

وتتابع بقية الأحزاب السياسية في تونس مع وسائل الإعلام باهتمام شديد هذا التحول، وتتساءل عن مداه الفعلي وتأثيره السياسي في البلاد.

وتساءلت صحيفة “لابرس” في عددها الأحد “هل تريد حركة النهضة ديمقرطة الإسلام أو أسلمة الديموقراطية؟”.

وقالت بشرى بلحاج حميدة البرلمانية التي استقالت من حزب نداء تونس خصوصا بسبب نقص “الوضوح” في العلاقة مع النهضة، انها تنتظر اثباتات على هذا التغيير المعلن.

وأضافت “في مستوى التصريحات هذا مطمئن لكنه غير كاف. يجب أن يثبت هذا الحزب ذلك في خطابه السياسي اليومي وفي علاقاته مع الجمعيات”.

توافق

وناقش المشاركون ال1200 في المؤتمر حتى ساعة متأخرة من ليل السبت والأحد الأولويات الواجب اعتمادها في إطار استراتيجية الحركة للتحرك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وقال المتحدث باسم المؤتمر أسامة صغير لوكالة فرانس برس إنه تم التصويت بنسبة 80% على الفصل بين الدعوي والسياسي.

كما تم تبني النظام الداخلي آخر نهار الأحد، بحسب ما قالت النائبة سيدة الونيسي.

ولا يزال يتعين على المؤتمر انتخاب رئيس الحركة وقسم من مجلس الشورى أعلى هيئة فيه. وترشح ثمانية من وجوه الحركة لمنصب الرئيس “في انتظار حصول انسحابات”، بحسب القيادي في الحزب عبد الكريم الهاروني.

وبين الأسماء المترشحة للرئاسة راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وهما مؤسسي النهضة وأيضا عبد الحميد الجلاصي نائب رئيس الحركة.

وكان مؤتمر الحركة افتتح الجمعة في ضواحي مدينة تونس بحضور آلاف الأشخاص وبينهم رئيس البلاد قائد السبسي، مع العلم بأن الآخير وحزبه نداء تونس كانا شنا حملة شعواء على الحركة الإسلامية التي كانا يصفانها بالظلامية ويتهمانها بالتعاطف مع الإسلام الجهادي عندما كانت في السلطة.

ويتعمد الغنوشي وقائد السبسي اظهار تقاربهما ما يثير حساسية قسم من جمهوريهما.

وقال رئيس البلاد في كلمته “نأمل بأن تتوصلوا خلال اعمالكم الى التاكيد ان النهضة باتت حزبا مدنيا تونسيا شكلا ومضمونا”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.