جيرمي شابيرو: تغيير النظام ليس كافيًا في الشرق الأوسط

جيرمي شابيرو: تغيير النظام ليس كافيًا في الشرق الأوسط

ترجمة- بيشوى رمزي

شارك

تغيير النظام ربما يكون مرضيا في البيئة الأمريكية، عندما تحلق الطائرات الحربية، أو الخيالة فوق التلال كما في الأفلام القديمة، لتأخذ الأشرار إلى خارج البلاد، لتبدأ حقبة جديدة بدون الديكتاتور الذي تم خلعه ، بينما يتحرر رأس المال، في حين أن الحشود الهاتفة تبقى في الشوارع ترفع أعلام الولايات المتحدة. هكذا تبدو المشاهد التلفزيونية الرائعة.

إلا أن الأمر لا يبدو كذلك في مناطق أخرى بالعالم، هكذا علمتنا التجربة في السنوات الأخيرة خاصة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يبقى مجرد تغيير النظام السياسي ليس كافيا بأي حال من الأحوال. التجربة الأخيرة في أفغانستان والعراق وليبيا أثبتت أن الولايات المتحدة تقوم بدورا جيدا إلى حد كبير في إسقاط الأنظمة، ولكن يبقى التحدي الحقيقي في هذا الإطار هو إنهاء معاناة شعوب تلك الدول وكذلك الحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بقدرتها على تحقيق الاستقرار في تلك البلدان في مرحلة بعد انتهاء الهتاف.

الولايات المتحدة ربما لم تنجح في تحقيق ذلك. ففي العراق، حاولت الولايات المتحدة أن تحقق الاستقرار بالتواجد المكثف داخل أراضيها، بينما تركت القيادة في أفغانستان لحلف شمال الأطلسي، في حين أنها انسحبت تماما من المشهد الليبي تاركة الأمر للجهات الفاعلة هناك بدعم من قبل الأمم المتحدة، ولكن القاسم المشترك في التجارب الثلاثة سالفة الذكر، هو أن كلها باءت بالفشل ولم يتحقق الاستقرار في النهاية ولكنها دخلت في موجات كبيرة ولا نهائية من العنف والفوضى.

يبدو أن السبب في تكرار الفشل في كل التجارب السابقة يتمثل في سوء التقييم في كل مرة، حيث أن الديكتاتور الشرير ونظامه لا يعد المشكلة الوحيدة التي ينبغي التخلص منها لحل كل المشكلات، ولكنه ربما جزء بسيط منها. الأنظمة الديكتاتورية، رغم سياساتها القمعية، ربما تلعب دورا رئيسيا في تحجيم الفوضى، والتي تظهر بصورة كبيرة بعد سقوطها، إلا أنه ربما مازالت الولايات المتحدة، على ما يبدو لم تتعلم الدرس.

لو نظرنا إلى الوضع في سوريا، مازلنا ننظر إلى المسألة ولو أن رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة في بلاده هو بمثابة الحل لجميع المشكلات، بل وندين في كثير من الأحيان أي اتفاق سلام قد يؤدي لبقائه في منصبه ظنا منا أن رحيله سوف يحل السلام في سوريا، ولكن الأمر لن يكون كذلك، كما هو الحال في أغلبية دول الشرق الأوسط الأخرى، حيث أن المشكلة في سوريا تبدو أعمق بكثير من مجرد رحيل ديكتاتورها.

ربما حان الوقت بالنسبة للولايات المتحدة أن تدرك أنه بالرغم من براعتها العسكرية المثيرة للإعجاب، إلا أنه لا يمكنها أن تحقق الاستقرار من خلال تغيير الأنظمة الحاكمة في دول المنطقة بأي حال من الأحوال، وبالتالي فينبغي العمل مع الأنظمة الراهنة كما هي رغم ما تحمله من عيوب عديدة وربما تصل إلى حد الجرائم. أدرك أن الأمر ربما يكون صعبا، ولكن لا يوجد بدائل غير ذلك في المرحلة الراهنة على الأقل.

*مقال للكاتب جيرمي شابيرو، مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، نقلا عن “نيويورك تايمز”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.