شارك

بعد ساعات من إعلان فشل محاولة الانقلاب العسكري في تركيا صبيحة أمس السبت، انقسمت الآراء سريعا بين الاعتراف بفشل الانقلاب والبحث عن أسبابه، وبين فريق آخر تبنى فكرة المؤامرة متسائلا “كيف لانقلاب عسكري لا يتخطى خمس ساعات، ويتحول مساره خلال 10 دقائق؟”، مرجحين أن الأمر لا يتجاوز “تمثيلية” سياسية أخرجها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحزب “العدالة والتنمية” الحاكم.

ولم تقتصر الرؤية الخلافية لكل فريق على المواطن العادي، بل اشترك في الأمر الكثير من السياسيين والمحللين، وأطلق كل منهما العنان لحججه وبراهينه المؤيدة لرؤيته التحليلية للانقلاب التركي الذي مات في مهده.

الفريق الأول الذي أخذ بالأسباب مؤمنا بالوقائع والأحداث التي شهدها مسرح الانقلاب، رجح أن الأمر لم يتخطى كونه “محاولة فاشلة لانقلاب يفتقر لمقاومات النجاح”، مسردا حججه وبراهينه المعززة لرؤيته.

ومن أبرز براهين هذا الفريق، أن أردوغان أو أي مسؤول في مكانه لن يخاطر بمكانته من أجل “تمثيلية” سياسية ولو كانت نسبة نجاحها 99 بالمئة، كما أن التغييرات الحزبية التي أطلقها مؤخرا عززت من سطوته وسيطرته على البلاد، والدال على ذلك أرقام استطلاعات الرأي الأخيرة، ما يعني عدم احتياجاه لافتعال هذا الأمر.

وأضاف الفريق، أنه ليس من المنطقي، السماح لجزء من الجيش الانقلاب ومنحه مروحيات لقصف محيط القصر الرئاسي ومبنى البرلمان وكذلك مبنى الاستخبارات العامة والسيطرة على المطار الدولي بإسطنبول، وتهديد مكانته وهيبته الشعبية أمام العالم من أجل فكرة سياسية قد يجنى من ورائها بعض المكاسب المعززة لحكمه.

أردوغان لم يكن بحاجة إلى افتعال “مسلسل” انقلابي، من أجل عزل واعتقال المئات أو الآلاف من رجال القضاء أو قيادات الجيش، إذ فعل الأمر ذاته كثيرا منذ ديسمبر 2013، بزعم ارتباطهم بجماعة فتح الله جولن.

بالإضافة إلى أن قيادات الجيش التركي لن تسمح بافتعال “تمثيلية” تفقد من هيبته داخل صفوف الشعب، وتعرضه للمحاكمات وعقوبة الإعدام، من أجل تعزيز سلطان أردوغان.

أما الفريق الآخر الذي أطلق لنفسه العنان مؤكدا أن الأمر يعد “تمثيلية” سياسية، وأسرد هو الآخر عدة أدلة لتعزيز رؤيته، متسائلا “كيف لدولة مثل تركيا شهدت عدة انقلابات سابقة يطلق جزء من جيشها بقيادة رئيس الأركان البرية والجوية، وهما قوتين لا يستهان بهما، انقلابا هزيلا لم يتجاوز بضعة ساعات؟ ..كيف افتقر الانقلاب لأول مرة تأييد كافة أطياف المعارضة ومناصريها؟ ..لماذا لم يُعتقل الرئيس التركي ورئيس الوزراء في بداية الأحداث؟ بل كان الأمر على العكس بالسماح لرئيس الوزراء بن علي يلدريم بمخاطبة الشعب وكان هو أول من أعلن عن محاولة الانقلاب قبل قادته”.

وواصل هذا الفريق إطلاق التساؤلات المؤيدة لفكرة المؤامرة من وجهة نظره، قائلا “صرح أردوغان في كلمته الأولى عقب إفشال الانقلاب أن مروحية تابعة للانقلاب قصفت الفندق الذي كان يتواجد به بهدف اغتياله.. بينما تشير الأحداث إلى توجهه بعد ساعتين من إعلان الانقلاب إلى مطار أتاتورك بإسطنبول، ورفض الانقلابيين هبوط طائرته وأجبروه على العودة.. فلماذا لم يعتقلوه أو يغتالوه آنذاك؟”.

وأوضح مؤيدو هذه الفكرة، أن أردوغان استهدف من هذه التمثيلية “إعادة حكم الإعدام، وإجراء عملية تطهير واسعة في الجيش، والقضاء، وتصفية خصومه من الموالين لحركة فتح الله جولن، المعارضة للنظام الحاكم في تركيا، وقد بدأ ذلك صباح أمس السبت، حيث أعلنت السلطات التركية عزل 2745 قاضيا، وتجاوز عدد المعتقلين حتى اليوم الأحد ستة الآلاف ما بين قاضي وعسكري”، متسائلين “لماذا تم عزل الآلاف القضاة في انقلاب فشال قاده عسكريين؟”.

وفي النهاية لا زال العديد من علامات الاستفهام والتساؤلات التي تحيط بمحاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا، لم تجد إجابات مؤكدة بعيدا عن التحليلات التي قد تصيب أو تخطئ. ويرتقب الجميع كشف الغموض الذي أحاط بانقلاب تحول من النجاح على مدار خمس ساعات إلى الفشل “فجأة” في فترة لم تتجاوز عشرة دقائق، وما الدور الدولي والإقليمي غير المعلن في عملية الانقلاب؟.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.