المهاجرون والذل في أوروبا

المهاجرون والذل في أوروبا

عرض/ مجدي سمير

شارك

بعد ساعات من انتشار صورة الطفل السوري الغريق الذي دفعته أمواج البحر المتوسط إلى سواحل تركيا الجنوبية بعد غرق القارب الذي كان يقله برفقة عائلته، واهتزاز مشاعر شعوب الوطن العربي تجاه الصورة، كتب د. عبدالعزيز الجار الله مقاله “المهاجرون والذل في أوروبا” بموقع “الجزيرة” السعودي، إذ استعرض تنقاد العالم الغربي ما بين واقع تعاملهم مع أزمة اللاجئين وبين شعارات فضفاضة إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع.

طفل سوري مهاجر غرق في المتوسط
طفل سوري مهاجر غرق في المتوسط

الزمن ورد الجميل

تساءل الجار الله عن شكل وطبيعة رد الجميل المدان بها الغرب للشرق، متسائلا “هل تغافلت أوروبا أو تناست تاريخها القريب، هل محت من ذاكراتها رحلات اللجوء والتوطين زمن الحروب الداخلية وزمن الأمبراطوريات الاستعمارية منذ القرن السابع عشر؟”.

وأضاف للتأكيد على فكرته متمعضا من سبل استقبال الغرب للاجئين، قائلا “هجرات تاريخية انطلقت من غرب وشرق ووسط أوروبا باتجاه معظم القارات، واليوم العالم الأوروبي المتحضر الحقوقي الذي أقر فتح الحدود للاجئين أثناء الحرب، نراهم يطاردون المهاجرين واللاجئين أطفالا، نساء، شيوخا من: سوريا، العراق، ليبيا، الباكستان، أفغانستان، وبعض دول أفريقيا. تلاحقهم بالكلاب، الأسلاك الشائكة، الهراوات، الأسلحة النارية، شاحنات الموت، قوارب الغرق، وتتركهم عرضة للعصابات وتقلبات الجو الحارة والباردة في الغابات المظلمة ليواجهوا مصيرهم بلا رحمة ولا وازع أخلاقي أو حقوقي أو شفقة تاريخية”.

تناقض واضح بين ضيافة الشرق والغرب

وواصل استعراض رأيه مشيرا إلى الحقبة الاستعمارية من القرن السابع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في منتصف القرن العشرين، مفيدا “شهدت أوروبا في هذه الحقبة حركة نزوح كبيرة للمستعمرات الجديدة والهروب من بؤر الحروب في أوروبا إبان الحربين الأولى والثانية، فقد كان النزوح الأوروبي من: فرنسا، إيطاليا، بريطانيا ألمانيا، إسبانيا، البرتغال، ودول شرق أوروبا والبلقان ودول حوض البحر الأبيض المتوسط الشمالية. حيث انتقل المهاجرون من شمال البحر الأبيض المتوسط إلى مســتعمرات دول حـــوض المتوسط الجنوبية: سوريا، لبنـان، فلسطين، مصر، ليبيا، تونــس، الجزائر، المملكة المغربية، إضافة إلى دول الصحراء الأفريقية ووسط وشرق أفريقيا، ودولة جنوب أفريقيا والهند واستراليا ونيوزلندا. فلم تقابل دول الجنوب شعوب أوروبا المهاجرة بالكلاب الغادرة والأسلاك الشائكة والمطاردة غير الإنسانية، جاء المهاجرون من شمال المتوسط لنهب خيرات دول الحوض الجنوبي، وامتلاك الاقطاعات، واستنزاف مواردها الاقتصادية، والثراء من موجودات دول الجنوب، وبالمقابل خرجوا منها بعد الحرب العالمية الثانية 1945م بعد حقبة استعمارية دمروا فيها الشعوب والموارد الطبيعية” .

وعدد الكاتب أوجه المأساة التي يواجها المهاجرين واللاجئين في الغرب، قائل “المطاردات اليومية لمهاجرين ولاجئين من سوريا والعراق وليبيا وبعض دول أفريقيا الفقيرة صورة يملؤها الذل والبؤس وغياب الضمير والقيم الأخلاقية لدول متحضرة تعي حقوق حماية اللاجئين زمن الحرب .. نراها اليوم تتجرد من القيم الأخلاقية في مطاردة لاجئين من الحرب عزل فروا من القتل في البراميل المتفجرة والسيارات المفخخة، فروا إلى موت آخر موت العطش والموت في شاحنات تكدست بها أجسادهم وقوارب الغرق في عرض المتوسط المتلاطم”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.