عبدالعزيز الخميس: الديكتاتور الملتحي

عبدالعزيز الخميس: الديكتاتور الملتحي

عبد العزيز الخميس

شارك

يتداعى الحركيون الإسلامويون لإستحضار مصطلحات الديمقراطية الغربية، ويتفانون في الحديث عن حرية الرأي، وأنها حق مصون يجب عدم الإفتئات عليه أو المس به، وأن من حق المواطنين التمتع به.

يقومون بذلك في حال قيام البعض بالإشارة لتجاوزاتهم على السلم الأهلي أو محاولاتهم إشعال الفتن والتعرض لمصالح الوطن.

يعدون كل مقولاتهم وأكاذيبهم ومحاولاتهم الفاشلة في جر الوطن للتشتت والإنقسام اى مجاميع مختلفة تتصاعد نبرة حوارها لتصل الى طريق التعصب والكراهية والتشدد في الرأى، يعدون كل ذلك أنه جزء من حرية الرأى وأن من يطالب بوقفهم لا يعدو عن كونه ديكتاتور بعيد عن فهم الديمقراطية ووسائل التعبير المتحضرة.

هذا التداعي الحركي جميل، وهو صائب، ويصب في مصلحة الوصول الى مجتمع يقبل بتعدد الآراء، لكن ماذا عن قبولهم هم لآراء غيرهم، ماذا عن صبرهم على من يقف في اتجاه لا يصب في صالحهم، ماذا عن أسلوب التهديد والوعيد والتكفير.

ماذا عن حملات صبت وتصب على مسؤولين كالراحل غازي القصيبي، وأساتذة جامعات ومفكرين كالدكتور عبد الله الغذامي و الدكتور تركي الحمد والدكتور سعيد السريحي، ماذا عن صهينتهم لقنوات تلفزيونية وشخصيات وطنية ساهمت في الدفاع عن البلاد والعباد.

قد نقبل الخضوع لمقولات الحركيين الراهنة، ونقدهم لمن يسمونهم بالليبراليين إذا أنضوينا جميعا تحت مظلة من القوانين التي تؤطر مساحة الحرية، لكن الجميع يعرف أن الحركيين لا يقبلون بالرأي الأخر وأن الإسلامويين هم من يجز الرؤوس ويقتل المخالف والشواهد كثيرة.

الإسلامويون هم من يرفض الأخر، وهم من لا يريد للمجتمع أن يتمتع بحريات عديدة، هم من يقف ضد الحقوق الإجتماعية، بل حتى السياسية، فيرون وجوب أن يكون الحكم تابعا للمرشد الإخواني، وما أزمة مصر وليبيا إلا دليلا مهما.

الإسلامويون هم من لا يستطيع فهم أن من حق الأخر التمتع بحريته، وهو من يضع ويرسم مربعا لا يريد للمواطنين تجاوزه، وهو مربع من التصرفات ونمط العيش الذي يراه هو الصواب بينما ما يراه غيره خطأ.

يتضح ذلك في موقفهم من قيادة المرأة للسيارة، ومساواتها في حقوقها الإجتماعية، بالطبع سيرد إسلاموي حركي صحوي بأن شغل المختلفين معهم يتمحور حول المرأة.

حينما يتشدق الإسلاموي بأن الوطنيين لا يفكرون سوى في حقوق المرأة فهم يتهمون أنفسهم أولا وليس غيرهم.

المرأة هي نصف المجتمع، بل هي التي أوصى بها ديننا الحنيف وركز على صيانة حقوقها، وعلى تمتعها بكل ما يحفظ لها كرامتها.

وحين يدين وينتقص الإسلاموي من التركيز على حقوق المرأة فهو يعلن بوقاحة عن انتقاصه لها، وكأنه يقول: “هذه إمرأة لماذا تدافعون عن حقوقها، إنها خلقت من ضلع أعوج، لا تستحق منا كل هذا الإهتمام”.

الأمر الأخر، الديمقراطية، ولحاجبيك أن يرتفعا عجبا من صفاقة الإسلامويين حين يتحدثون عن صناديق الاقتراع وأن الوطنيين الذين يسمونهم بالليبراليين يرفضونها في مصر.

وينسون أن لا رفض ظهر من الوطنيين حول وصول مرسي للحكم، بل قبول وأمل في إصلاح أمر مصر، لكن فكر الحركيين وإقصائيتهم بدأت من زعيمهم المرشد وعصابته حين استأثروا باللعبة السياسية، بل بالحياة السياسية المصرية ككل، وتحكموا في البلاد والعباد، فضيقوا على السلطة التشريعية والقضائية في محاولات غبية للإستئثار بالحكم. كل هذا حمل المصريين على إعلان ثورتهم الثالثة والقضاء على الحكم الإخواني وتوديعه بغضب.

الإسلاموي تشي به خطاباته وتصرفاته واستراتيجياته، فهو يعمل للوصول الى الحكم، وإن مدح حاكم ما فليس سوى لإغاظة آخرين ومحاولة لإختراق بطانة الحاكم وتوسيع دائرة نفوذ الحركيين لوصول أعضاء عصابة التطرف لمراكز مهمة وبعدها يتحقق التمكين وإزالة النظام الجديد واستبداله بنظام إخواني متطرف يهدم مصالح العباد والبلاد.

لكن ما يثير الإستغراب هو أن الحركيين لم يفهموا بعد أن أولياء الأمر ليسوا من الغباء كي يطمئنوا لهم، ولا من قلة العقول والعلم ما لا يتمكنوا عبرها الحكم على الأمور جيدا.

إن وجود حركي صحوي في موقع للحكم سينتج بعده انفجار للأوضاع، وسيؤدي الى ما حصل في مصر وفتنة وانقسام شعبي وتناحر وسترتفع الرافعات كما أرتفعت في إيران، الدولة التي تطبق فكر الحركيين وتستمد استراتيجياتها السياسية من كتب سيد قطب باعتراف رموزها.

المجتمعات تتقدم مهما وقف الحركيين ضد هذه الحركة، وهي كالطوفان ستزيل من أمامها كل الشوائب، لكنها ستعتمد بحول الله وقوته على الحكام الذين يضعون في مقدمة أولوياتهم تنمية وازدهار شعوبهم ودولهم.

الحكام الذين يضعون المواطن وليس الحزب في مقدمة أهدافهم لخدمة الشعوب لا التنظيمات السياسية المتكالبة على الحكم، هم من سيربح المعركة، وما حدث ويحدث في عالمنا العربي إلا وضوحا لأهمية ذلك وحتميته.

فالحذر والتحسب من الديكتاتور الملتحي، فيديه لا تعرف سوى نحر الرؤوس لا زرع الزهور.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.