شارك

قبل شهور من إطلاق الرصاصات الأولى في المعركة لإجبار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الانسحاب من الموصل يشير خلاف بشأن وجود القوات التركية بالمنطقة إلى أن صراعا للنفوذ على مستقبل ثاني أكبر مدن العراق قد بدأ بالفعل.

تتجه الأنظار إلى الموصل معقل داعش في الشمال بعد أن هزمت القوات الحكومية المتشددين في مدينة الرمادي بغرب البلاد الشهر الماضي.

وتعهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، باستعادة الموصل هذا العام لتكون هذه “الضربة القاصمة والنهائية” للتنظيم المتشدد في العراق.

ويخيم الشك على مستقبل المدينة في الوقت الحالي في ظل وجود تركيا وهي منافسة رئيسية على النفوذ هناك إلى جانب أكراد العراق والحكومة في بغداد وربما الفصائل الشيعية المدعومة من إيران.

وتدعم تركيا عضو حلف شمال الأطلسي والقوة السنية المرتبطة بعلاقات تاريخية بمحافظة نينوى حيث تقع الموصل قوات البشمركة العراقية التركية التي تعتبر أن دورها رئيسي في أي معركة لاستعادة المدينة كما تدرب فصائل سنية يتوقع أن تساعد في استرداد أكبر مركز سكاني خاضع لسيطرة داعش.

ويقول محللون إن تركيا تأمل بمساعدة هؤلاء الحلفاء المحليين أن توسع نطاق نفوذها بالمحافظة ذات الأغلبية السنية بينما ينقسم العراق على أسس طائفية. كما تريد أنقرة التصدي للنفوذ الإيراني في جارتها الجنوبية المنتجة للنفط.

وقال سنان أولجن رئيس مؤسسة إيدام البحثية في إسطنبول “بالطبع هذا من تبعات التوتر مع إيران”.

غاب الجيش العراقي عن نينوى منذ انهياره في 2014 أمام تقدم كبير لتنظيم الدولة الإسلامية وتحرص بغداد على إعادة بسط نفوذها هناك.

في الوقت نفسه ترتبط تركيا بصلات وثيقة مع منطقة كردستان العراق في مجالي الطاقة والتجارة وعلى الرغم من رفضها لمقاتلي حزب العمال الكردستاني الذين يقودون تمردا على أنقرة فإنها تدعم قوات البشمركة في إطار مصلحتها الأوسع في أن تظل المنطقة الواقعة بشمال العراق مستقرة.

ونجح مقاتلو البشمركة بمساعدة تركيا في إجبار داعش على التقهقر ووسعوا نطاق منطقتهم الشمالية شبه المستقلة لتشمل أجزاء من نينوى.

لكن المخاطر غير قليلة. كان للقوات التي شاركت في عمليات سابقة لاستعادة أراض من قبضة تنظيم داعش رأي في كيفية إدارتها فيما بعد وهو ما يوضع في الحسبان قبل المعركة المنتظرة من أجل الموصل.

وقال المحلل السياسي سجاد جياد، المقيم في بغداد الذي يقدم استشارات للحكومة “تركيا تعتبر الموصل وشمال العراق منطقة نفوذ ومنطقة عازلة ومنطقة تحتاج إلى أن يكون لها فيها وجود عسكري”.

وأضاف “هي تشعر أنها بحاجة إلى السيطرة على تلك المنطقة الحدودية بين العراق وتركيا وسوريا أو تعرف على الأقل ما الذي يجري بها”.

وفي حين لا يوجد مؤشر على اعتزام تركيا إرسال أعداد كبيرة من القوات فإن لها قواعد في كردستان العراق منذ التسعينيات وزادت من وجودها تدريجيا في المعركة ضد حزب العمال الكردستاني. يضع هذا تركيا في موقف جيد متى تبدأ المعركة من أجل الموصل.

وبدأ الخلاف الدبلوماسي الشهر الماضي بعد أن قالت تركيا إنها بناء على دعوة العبادي أرسلت 150 جنديا إلى قاعدة بعشيقة العسكرية قرب الموصل لحماية القوات التركية التي تدرب فصيل الحشد الوطني السني لمحاربة داعش.

وبعد أن اشتكت بغداد لمجلس الأمن الدولي سحبت تركيا بعضا من قواتها ونقلتها إلى كردستان قائلة إنها ستواصل الانسحاب من نينوى.

لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رفض الانسحاب الكامل وفي الأسبوع الماضي قال وزير الخارجية العراقي إن بلاده يمكن أن ترد عسكريا إذا اضطرت لذلك.

فيما بعد هون وزير المالية العراقي هوشيار زيباري، وهو شخصية كردية كبيرة من شأن الخلاف قائلا إنه في طريقه للحل.

وتحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما، هاتفيا إلى العبادي الأربعاء، وقال إن على تركيا أن تسحب أي قوات عسكرية من العراق لم تسمح بغداد بوجودها. ولم يصدر تعقيب على الفور من أنقرة.

موقف متشدد

ولكن في ظل تعهد العبادي باستعادة الموصل في 2016 فإن المنافسة على السيطرة المستقبلية على المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة ستشتد.

وقال جياد المحلل المقيم في بغداد إن الأتراك “يتطلعون إلى الأمريكيين والإيرانيين الذين لهم وجود بالفعل، ويقولون يجب أن نفعل شيئا مماثلا”.

واتخذ العبادي موقفا قويا من نشر القوات ونفى مزاعم تركيا بأن بغداد وافقت على ذلك واتهم أنقرة بسوء النوايا. وسعى رئيس الوزراء العراقي جاهدا لإظهار قوته ويتعين أن يتعامل مع شركاء منقسمين في الائتلاف. ومن الممكن أن ترتفع شعبيته بعد الانتصار في الرمادي لكن قد تقوضه مسألة وجود القوات التركية.

وقال جياد “لا يمكن أن ينظر إليه على أنه يتجاهل شركاءه ويتجاهل الائتلاف ويتجاهل الجماهير… (وإلا) فإن من الممكن أن يخسر ائتلافه. قد يواجه تصويتا على سحب الثقة”.

وقال أولجن المحلل في إسطنبول إن هذا الموقف المتشدد ربما يعبر عن رفض لتعزيز علاقاتها مع السعودية القوة السنية لكنه لا يتوقع أي مواجهة مباشرة.

وأضاف “المسألة سياسية بالأساس لكن يسممها بالطبع تزايد التوترات الطائفية. هذا هو ما يزيد من صعوبة التعامل معها”.

الأكراد

العلاقات بين بغداد وأنقرة متوترة منذ سنوات كما أضر بها اجتياح تنظيم داعش لشمال وغرب العراق في 2014. ويلقي العراق باللائمة على تركيا في السماح لمقاتلين أجانب بالانضمام للمتشددين عبر الحدود مع سوريا، ويقول إن القنصل التركي في نينوى له صلات بالدولة الإسلامية وهو ما تنفيه أنقرة.

كما غضبت بغداد من الخطوة التي اتخذتها تركيا في 2014 بالسماح لإقليم كردستان العراق بتصدير النفط عن طريق خط أنابيب إلى ميناء تركي.

واستأنفت تركيا في يوليو قصف قواعد المقاتلين الأكراد في شمال العراق مشيرة إلى زيادة في هجمات حزب العمال.

وقال أولجن المحلل في إسطنبول “مع بلوغ المعركة ضد حزب العمال الكردستاني ذروتها فإن وجود قوات في شمال العراق بمثابة رادع لمزيد من التوغل من جانب حزب العمال”. وتكهن بأن تبقى القوات التركية.

وفي الأسبوع الماضي نفى أردوغان أي تطلعات للسيطرة على أراض لكن البعض يعتقد أن القوات التركية لن تغادر.

واتهم عادل مراد المسؤول الكبير في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي تركيا بالمناورة لاحتلال جزء من الموصل حين يبدأ القتال هناك.

وقال “الاتراك يحلمون بالموصل ويعتبرونها ولاية تركية” اقتطعت بعد الحرب العالمية الأولى. وأضاف أن هذا غير مقبول و”هم ليسوا أوصياء على الموصل”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.