شارك

عندما يتم استرجاع جثامين عناصر “داعش”، الذين يقاتلون في سوريا، تكون جوازات سفرهم في الغالب مختومة بختم تركيا، ومروا منها في طريقهم للانضمام للتنظيم الإرهابي في سوريا. هكذا استهلت “نيويورك تايمز” تقريرًا لها حول الهجوم الذي استهدف مطار أتاتورك باسطنبول الثلاثاء الماضي.

الصحيفة الأمريكية ذكرت أن مقاتلي التنظيم، الذين يتصلون بأهاليهم، يستخدمون أرقام هواتف تركية، ويستقبلون الأموال عن طريق مكاتب “ويسترن يونيون”، بحسب وثائق المخابرات والمحاكم.

الحكومة التركية أدت منذ البداية دورا مركزيا، وإن كان معقدا، في صعود التنظيم الإرهابي، من خلال فوضى الحرب السورية، بحسب الصحيفة، وكانت بمثابة القاعدة الخلفية، ومكان التسوق للميليشيات المتطرفة، وهو الدور الذي كان ضامنا لحماية تركيا من عنف التنظيم الذي عانت منه كافة الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط.

إلا أن الحكومة التركية ربما غيرت سياستها تجاه التنظيم المتطرف خلال الأشهر الماضية، بحسب “نيويورك تايمز”، حيث كثفت حملتها ضد داعش، وحصنت حدودها، واعتقلت المشتبه بهم، كما سمحت للولايات المتحدة باستخدام قواعدها الجوية لضرب معاقل التنظيم في سوريا والعراق، وهي السياسات التي كان على الأتراك أن يدفعوا ثمنها من وجهة نظر التنظيم.

ونقلت “نيويورك تايمز” عن رئيس وكالة الاستخبارات المركزية جون برنان، قوله إن تركيا تقوم بحملة ضد من يستخدمها ممرا للمقاتلين الأجانب ذهابا وإيابا، وهي جزء من التحالف، وتقدم العون له، وتسمح لطائرات التحالف باستخدام أراضيها، ولذلك فإن هناك أسبابا كثيرة لتنظيم الدولة لتوجيه الضربات.

وذكرت “نيويورك تايمز” أن قرار الحكومة التركية بالسماح للطيران الأمريكي باستخدام جنوب تركيا لشن الهجمات الجوية على معاقله، تحولت تركيا إلى أحد أهداف “داعش”، وظهر ذلك على غلاف مجلة “دابق” التي التي يصدرها، إذ وضعت وضعت صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بجوار نظيره الأمريكي باراك أوباما، في إشارة إلى أن أردوغان أصبح بمثابة عدو للتنظيم كما الحال بالنسبة لأوباما.

ويفيد التقرير بأن الهجمات التي نسبت إلى التنظيم بدأت منذ تلك الفترة، بما في ذلك تفجيرات في مدينة سوروك جنوب تركيا في يوليو 2015، وفي العاصمة أنقرة في أكتوبر، بالإضافة إلى تفجيرين وقعا هذا العام، استهدفا السياح في اسطنبول.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن أصابع الاتهام أشارت إلى “داعش” في تلك التفجيرات كلها، وإن لم يكن التنظيم يعلن مسؤوليته عن أي منها، بالرغم من عادته إعلان مسؤوليته في أي مكان في العالم، ومع أن المسؤولين حملوا “داعش” مسؤولية الهجوم على المطار في اسطنبول، إلا أن نشرات أخبار التنظيم يومي الثلاثاء والأربعاء لم تذكر شيئا عنه، كما أن قناته الإنجليزية على نظام (تلجرام) للتواصل المشفر نشرت صورا لمقاتلين يلبسون الملابس العسكرية على إحدى تلال دير الزور.

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن التنظيم يحاول الحصول على أكبر قدر من المكاسب في وقت واحد، من خلال الدفع بتركيا لتبدأ بالحرب ضده، مع ترك حيز لتجنب حرب كاملة مع بلد كان داعما له.

 يقول المحلل السياسي مايكل سميث إنه منذ منتصف 2015، كان هناك تزايد في الإشارات التي تقلل من شأن الحكومة التركية في دعاية “داعش”، ما أعطى إشارة إلى أن تركيا أصبحت مستهدفة من التنظيم، وسبق زيادة الهجمات الإرهابية في أوروبا، وشمال أفريقيا، وبنجلادش، والقوقاز، تركيز زائد على تلك المناطق في دعاية “داعش”.

وبحسب الصحيفة، فإن شهر العسل بين تركيا و”داعش” الدولة بدأ عندما كانت تركيا تقدم المساعدات لمجموعات الثوار، التي تحارب حكومة الأسد في سوريا، بمباركة من المخابرات الغربية، بحسب المحللين، حيث كان التنظيم في البداية يدخل في هذا الوصف، وتحول بعدها من محاربة الأسد إلى محاولة القضاء على المنافسين.

ويشير التقرير إلى أن الانفصاليين الأكراد المختبئين في سوريا والعراق، كانوا من بين منافسي “داعش”، وبقي حلفاء تركيا الغربيون يتهمونها بأنها بقيت تتعامل بازدواجية تجاه التنظيم، وحتى عندما بدأت تركيا بضربه الصيف الماضي كانت أفعالها ضد الأكراد أكثر عددا وشدة.

ويفيد التقرير بأن المتحدت باسم قوات حماية الشعب الكردية ريدور خليل يحتفظ في مكتبه المحصن في شمال سوريا، بجوازات السفر التي وجدوها مع قتلى “داعش”، ويخرجها في العادة ليريها للصحفيين، ويبين أن معظمها يحمل ختم دخول تركيا.

واختتمت “نيويورك تايمز” تقريرها بالإشارة إلى أن أسرى “داعش” لدى قوات حماية الشعب الكردية قالوا لدى مقابلتهم، بحضور حارس من تلك القوات، إنهم دخلوا سوريا بسهولة عن طريق تركيا.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.