شارك

يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بكل ما لديه من قوة ونفوذ مدعوما من رجال حكومة العدالة والتنمية، في استحداث نموذج إعلامي دولي جديد في بلاده، وهو “الإعلام الخالي من المعارضة”، بمحاربة كل قنوات وأقلام المعارضة من جهة، ودعم وتمويل الإعلام المؤيد من جهة أخرى.

والمتابع للشأن التركي يمكنه اليوم إدراك ذلك بعد الاطلاع على الصحف والوكالات الإخبارية التركية، بالكاد يمكننا الآن قراءة أخبار مناهضة لأردوغان في الصحف التركية، خاصة بعد الاستيلاء القضائي قبل نحو أسبوعين على أكبر صحيفة تركية معارضة وهي “زمان” الصادرة باللغتين التركية والعربية، وكذلك أول وكالة إخبارية تركية خاطبت العالم العربي وهي “جيهان”.

وتعليقا على ذلك قالت الصحيفة البريطانية “الجارديان” إن “تركيا تحت رحمة رجل واحد ذي مزاج سيئ، حيث إن ردة فعل الرئيس أردوغان لأي نقد تحولت إلى رغبة ملحة في الانتقام .. وأن آخر ضحية لنوبات غضب أردوغان هي صحيفة (زمان) الأكثر مبيعا في البلاد، والتي تم الاستيلاء عليها تحت تهديد السلاح تقريبا”.

وسبق هذه الواقعة بعدة أشهر محاولة أخرى لقمع الإعلام المعارض بتركيا، من خلال اعتقال رئيس تحرير صحيفة “جمهورييت” المعارضة جان دوندار، وأردم غول مدير مكتبها في أنقرة، لأكثر من ثلاثة أشهر، قبل تبرئتهم من قبل المحكمة الدستورية العليا، وذلك لنشر الصحيفة شريط فيديو يظهر شاحنات تابعة للاستخبارات التركية تقل أسلحة إلى مقاتلين إسلاميين في سوريا، ما يؤكد تورط تركيا في تسليح جماعات في سورية خلال السنوات الماضية، وعليه تم اتهامهما بـ”التجسس” و”إفشاء أسرار الدولة”.

أما صحيفة “حرييت” المعارضة، فلم تسلم من قمع السلطة التركية، إذ وجه القضاء التركي إلى مجموعة دوغان الإعلامية المالكة لتلك الصحيفة، تهمة “الدعاية الإرهابية”، لنشرها صور غير مموهة لجنود أتراك قتلوا خلال مواجهات مع حزب العمال الكردستاني.

وفي أكتوبر الماضي تعرض المعارض السياسي التركي الأكثر شعبية والشخصية التلفزيونية التي تحظي بملايين المتابعين على تويتر أحمد هاكان، للضرب المبرح أمام منزله من قبل أربعة رجال، ثلاثة منهم كانوا أعضاء في حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه الرئيس أردوغان.

وشهدت تركيا في الربع الأول من العام الماضي حظر أكثر من 6000 موقع على شبكة الإنترنت. وفقد العشرات من الصحفيين وظائفهم في أعقاب شكاوى تقدمت بها الحكومة لأصحاب وسائل الإعلام تتعلق بتغطيات هؤلاء الصحفيين، فيما تبقى تركيا واحدة من البلدان الأكثر عرضة لسجن الصحفيين.

وكشفت دراسة أجرتها نقابة الصحفيين في تركيا أن معارضة أردوغان أسفرت عن طرد 981 صحفيا عملهم خلال النصف الأول من 2014 فقط، واضطر 56 شخصا آخر يعملون في الصحافة للاستقالة من مناصبهم لأسباب مختلفة.

وناشد المعهد الدولي للصحافة، الرئيس التركي أردوغان بـ”إنهاء الاعتداءات المباشرة على أصحاب المؤسسات الإعلامية وحديثه السلبي والعدائي الذي يستهدف الصحفيين وطالبت اللجنة بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين”، مضيفا أن “حملات اعتقال الصحفيين المتواصلة وترحيل الصحفيين الأجانب وقرارات المؤسسات الرقمية والقمر الصناعي بقطع الإرسال على القنوات المعارضة للحكومة هي أمور باتت تسبب قلقا للمنظمات الإعلامية”.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.