أيمن الحماد: «شيلكوت» احتراماً للبريطانيين فقط

أيمن الحماد: «شيلكوت» احتراماً للبريطانيين فقط

شارك

لم يكن اجتياح واحتلال العراق إلا أسوأ ما حدث في التاريخ الحديث لهذا البلد الذي اعتلى عبر الأزمان مكانة رئيسية ودوراً حضارياً بارزاً في العالم العربي والإسلامي، ببساطة لقد فتح الغزو الأميركي عام 2003 أبواب الجحيم.

لقد تسببت الحرب على العراق بدخول كافة مظاهر الخراب: إيران، الطائفية، القاعدة، المليشيات، و”داعش”، وظهور طبقة سياسية رثّة ساهمت في تفشي تلك المظاهر وازدهارها، وجعلت البلاد اليوم على شفا التقسيم.

الداعي لقول ذلك هو التقرير الذي أصدره السير البريطاني جون شيلكوت رئيس لجنة التحقيقات في الحرب على العراق والتي وضعت تحقيقاتها في 12 مجلداً تحتوي على مليونين وست مئة ألف كلمة، حمّل فيه رئيس الوزراء الأسبق توني بلير مسؤولية المشاركة في الحرب قبل استنفاد كل الحلول السلمية، وأن خطط لندن لفترة ما بعد الحرب لم تكن مناسبة.

تأذى العراق بشكل جسيم نتيجة الغزو الأميركي – البريطاني.. لقد تم تشويهه إلى الأبد على كل المستويات، فالمجتمع طمست ثقافته التي بنيت على تاريخ طويل من التسامح والانسجام، واستبيح اقتصاده، وتم حل جيشه بصرف عناصره، بمعنى أن البلد صار عرضة للاستباحة، وهو ما حصل، فقد دخلت إيران بعد أن سقط الجيش الذي حاربها لسبع سنين دون أن تطلق طهران رصاصة واحدة، وأصبح العراق معرضاً للاحتلال من قبل أي مجموعة مسلحة غير نظامية، وبعد 13 عاماً من الحرب استطاعت “داعش” -وهي عبارة عن قوة إرهابية غير نظامية- احتلال الموصل ثاني أكبر مدن العراق بين عشية وضحاها.

لم يكن التقرير مفاجئاً، فالحقائق التي ظهرت تباعاً تجلت في أن الاستخبارات الأميركية والبريطانية كذبت وقدمت معلومات أفضت إلى الغزو تتعلق بوجود ترسانة أسلحة دمار شامل لدى بغداد، وهو ما لم يجده أحد، وبالتالي فقد ذهب العراق نتيجة أكذوبة كبيرة كان الهدف الرئيسي منها إيجاد مسوغ لإسقاط ديكتاتور اسمه صدام حسين، يقول بلير وبوش إن العالم أفضل بدونه، ولو سئل العراقيون اليوم هل بلادهم أفضل دون صدام؟ فالإجابة -كما ساقها أحد العراقيين لصحيفة الاندبندنت البريطانية قبل أيام- هي النفي، فسقوط صدام أخرج ألف صدام.. على حد قوله..

لقد صدر تقرير “شيلكوت” احتراماً لبريطانيا والبريطانيين، والأمر هو كذلك بالنسبة لاعتذارات توني بلير، وليس مراعاة لحق العراقيين أو احتراماً لبلادهم التي باتت اليوم أكثر البلدان خطراً على مستوى العالم، وأهلها لاجئون في أصقاعه نتيجة لهذا الاجتياح، ولا غرابة، فمتى كان الغزاة يأتون بخير؟

نقلًا عن “الرياض”

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.