شارك

الرئيس الأمريكي باراك أوباما على موعد مع إضافة صورة جديدة تجمعه مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز،  على غرار الرؤساء الأمريكيين السابقين الذين كانوا يتسابقون على التقاط الصور مع ملوك المملكة لإثبات التحالف القوي الذي يجمع بين البلدين على مدار عقود طويلة من الزمن، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.

وذكرت الصحيفة الأمريكية البارزة، في تقرير لها حول زيارة أوباما للمملكة والتي من المقرر أن تبدأ بعد غد الأربعاء، أن الصورة التي ستجمع بين أوباما وسلمان لن تستطيع أن تقدم الرسالة نفسها التي سبق وأن تم ترويجها من قبل أسلافه، في ظل التوتر الكبير الذي تشهده علاقة البلدين في الآونة الأخيرة.

يبدو أن حالة انعدام الثقة كانت السمة الأساسية التي طغت بصورة كبيرة على العلاقات الأمريكية السعودية، منذ وصول أوباما للبيت الأبيض في عام 2009، هكذا تقول الصحيفة الأمريكية، في ظل الاختلاف الكبير حول العديد من القضايا في منطقة الشرق الأوسط، وأهمها مسألة كيفية التعامل مع إيران، والأزمة السورية، والوضع في اليمن، بالإضافة كذلك إلى الحرب على “داعش”.

إلا أن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها أوباما حول السياسات السعودية في منطقة الشرق الأوسط في إحدى مقابلاته الصحفية الأخيرة ربما كانت سببا في تعميق الخلافات بين الحليفين التاريخيين، ورغم توتر العلاقات بين واشنطن والرياض، إلا أنه لا تبدو متجهه نحو الانهيار الوشيك، لأن كلا البلدين مازالا في حاجة إلى بعضهما البعض، وفق ” نيويرك تايمز”.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الولايات المتحدة تقدم الدعم العسكري والاستخباراتي لضمان أمن المملكة، وهو الدعم الذي يتوقع قطاع كبير من الخبراء والمتابعين أن يشهد زيادة كبيرة خلال زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة هذا الأسبوع، في حين أن السعودية تقوم بدور حيوي ومحوري في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، كما أنها تظل المصدر الرئيسي للنفط في المملكة.

ماذا يريد السعوديون؟

الدعم الأمني كان بمثابة الهدف الرئيسي للمملكة منذ بداية التحالف مع الولايات المتحدة، والذي دشنه الرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت، منذ سبعين عاما، لحمايتها من أي تهديد محتمل من قبل المنافس الإقليمي إيران، أو حتى التوترات التي يشهدها الشرق الأوسط، ولذلك كان تقديم السلاح والدعم الاستخباراتي أبرز صور التعاون الأمريكي مع المملكة.

من المتوقع أن تعلن واشنطن عن دعم الرياض بأنظمة دفاعية ضد الصواريخ الباليستية، وكذلك تقديم مزيد من الدعم للجهود السعودية لمجابهة الحرب الإلكترونية التي تشنها إيران ضدها، في ظل الاعتماد الكبير من جانب المملكة على حليفها الأمريكي في هذا الإطار.

ماذا يريد الأمريكيون؟

أمريكا كانت تنظر للمملكة باعتبارها مصدرا للاستقرار في الشرق الأوسط لعقود طويلة من الزمن، كما أنها كانت تعتمد عليها كمصدر رئيسي للحصول على النفط، إلا أن الأمر على ما يبدو اختلف مؤخرا مع ظهور النفط الصخري الأمريكي، وبالتالي أصبحت الولايات المتحدة أقل اعتمادا على النفط السعودي.

واشنطن تحتاج دعم الرياض في الحرب على التنظيمات المتطرفة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها تنظيمي القاعدة وداعش، والتي تنظر إليهم الولايات المتحدة باعتبارهما التهديد الأكبر لمصالحها في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تسعى كذلك لدور سعودي قوي لإنهاء الحرب الأهلية التي تشهدها سوريا منذ أكثر من خمسة سنوات.

الرئيس باراك أوباما ربما يثير قضايا حقوق الإنسان، والمهمشين، سواء من الأقليات الدينية أو المرأة، خلال زيارته للسعودية، إلا أن الخبراء والمتابعين يرون أن تلك القضايا لن تطغى بأي حال من الأحوال على القضايا الأمنية التي سوف يتناولها مسئولي البلدين خلال الزيارة الهامة.

كيف توترت العلاقة بين الحلفاء؟

التوتر في العلاقات الأمريكية السعودية ليس جديدا على الإطلاق، ولكنه يرجع إلى 2011، مع اندلاع ثورات الربيع العربي، خاصة مع تقاعس الجانب الأمريكي عن دعم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وكذلك تخاذله في التعامل مع إقدام النظام السوري على استخدام أسلحة كيمائية لردع التظاهرات التي طالبت بإسقاط النظام السوري برئاسة بشار الأسد.

الأوضاع تفاقمت بصورة كبيرة، مع الخطوات التي اتخذتها إدارة أوباما للتقارب مع إيران، والتي أسفرت في النهاية عن توقيع الاتفاق النووي بين الدولة الفارسية والقوى الدولية الكبري، في يوليو الماضي، حيث أن مسؤولي المملكة مازالوا يرون أن الاتفاق يعد بمثابة تحول كبير في ميزان القوى الإقليمي.

ماذا بعد أوباما؟

ربما تكون الحكومة السعودية على استعداد لطي صفحة أوباما وإدارته في ظل اقتراب نهاية فترته الرئاسية، حيث ستنطلق انتخابات الرئاسة الأمريكية في أواخر هذا العام، إلا أن تساؤلات كبيرة تدور حول كيفية التعامل مع الرئيس الأمريكي القادم، في ظل تصريحات يتبناها عدد من مرشحي الرئاسة الأمريكية تبدو عدائية إلى حد كبير.

المرشح الجمهوري دونالد ترامب أكد في تصريح لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أنه في حال توليه رئاسة الولايات المتحدة سوف يوقف شراء النفط السعودي، إذا لم تقوم المملكة العربية السعودية بمزيد من الجهود في الحرب على تنظيم داعش، في حين أن مرشحا أخر، وهو تيد كروز، شدد على ضرورة محاسبة الحلفاء، مطالبا بضرورة ممارسة مزيد من الضغوط على المملكة العربية السعودية في هذا الإطار.

من وجهة النظر السعودية، ربما تكون رئاسة هيلاري كلينتون بمثابة عودة للسياسات التي تبناها زوجها إبان وجوده في البيت الأبيض في التسعينات من القرن الماضي، وبالتالي ربما تشهد العلاقات قدر من التحسن في هذا الإطار، إلا أن الواقع ربما يكون مختلف في ظل التغيرات الكبيرة التي تشهدها السياسات في المرحلة الراهنة، في حين أن المرشح الديمقراطي الأخر بيرني ساندرز لا يبدو معروفا بالنسبة للسعوديين.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.