شارك

يبدو أن هناك تفاوتا كبيرا بين الأسلوب الذي تبناه قادة الانقلاب الذي شهدته تركيا الجمعة الماضية وبين أسلوب الرئيس رجب طيب أردوغان في التعامل معه، هكذا استهلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقرير لها اليوم الأحد حول مستقبل تركيا بعد الانقلاب الفاشل، حيث أن الرئيس التركي نجح في استخدام التكنولوجيا الحديثة في إفشال مخطط الانقلاب، بينما استخدم الانقلابيون أساليب قديمة، وبالتالي سوف يساهم الانقلاب الفاشل في تعزيز سيطرة حزب العدالة والتنمية.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الهاتف الذكي لم يوفر فرصة لقادة الانقلاب للاستمرار في مخططهم، ففي الوقت الذي سيطروا فيه على التلفزيون وقيامهم ببث بيان الانقلاب، والسيطرة كذلك على مبانٍ رئيسية في إسطنبول وأنقرة، بطريقة تشبه طريقة الانقلابات التي كانت سائدة في القرن العشرين، كان سلاح أردوغان هو تطبيق الفيس تايم، والذي بث من خلاله رسالة للمواطنين الأتراك يدعوهم فيها للنزول ورفض الانقلاب، تلاها رسائل للمواطنين على هواتفهم المحمول تحمل نفس المعنى، وهو ما ساهم في محاصرة قادة الانقلاب وإفشال مخططاتهم.

تبدو ملامح الليلة التي سبقت الانقلاب غير واضحة، هكذا تقول الصحيفة الأمريكية البارزة، إلا أن المؤكد أن هناك سوءاً في التنفيذ، وهو الأمر الذي ساهم في توحيد صفوف الأحزاب التركية في موقف موحد داعم لأردوغان، على الرغم من كراهية بعض تلك الأحزاب له، وحتى الأفرع العسكرية في العديد من مفاصل الجيش أيدت الرئيس المنتخب، ودافعت عن الديمقراطية في البلاد.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الرئيس التركي بدأ حملة اعتقالات كبيرة طالت كل من تورط أو شارك في دعم الانقلاب، خاصة المسئولين الكبار في الدولة، حيث تم اعتقال حوالي ثلاثة آلاف عسكري، بينهم قادة كبار في الجيش، بالإضافة إلى عدد من القضاة والمدعين ممن يعتقد أنهم ساهموا في دعم الانقلاب.

وتنقل الصحيفة عن سونر كاجايتاي من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى قوله، إن “الانقلاب لو كان قد نجح فإنه سيحول تركيا إلى نظام قمعي، وفي ذات الوقت فإن الخشية الآن أن يلجأ أردوغان إلى القمع لتصفية خصومه”.

وتابعت “واشنطن بوست” أن أردوغان سوف يكون أقوى بعد هذه العملية الانقلابية، وسوف يستخدم كل الطرق لإخضاع خصومه، والتحرك نحو بناء الرئاسة المطلقة والبقاء أطول فترة ممكنة في الحكم.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن القيادة التركية رأت في فشل الانقلاب انتصاراً للوطنيين في بلد له تاريخ طويل ومضطرب مع التدخلات العسكرية، حيث ظهرت قيادة أردوغان بأنها حكومة منتخبة، تسعى للتخلص من مكائد الانقلابيين الذين يرفضون إرادة الشعب والديمقراطية.

وحول الجيش التركي، تقول الصحيفة: إنه “بعد المحاولة الفاشلة سيتراجع الجيش كثيراً أمام هيمنة الحزب الحاكم، العدالة والتنمية، الذي سيفرض نفسه أكثر على مؤسسات الدولة، خاصة أن التحقيقات السابقة التي قادتها الحكومة ضد قادة في الجيش أسهمت كثيراً في تراجع دوره بالحياة العامة”.

أردوغان وحتى خلال حملاته الانتخابية، بحسب الصحيفة، كان يتحدث كثيراً عن المؤامرة والتهديدات التي تواجه تركيا، حيث عرض على قادة في حزبه خلال الانتخابات الماضية، تفاصيل مؤامرة تهدف للإطاحة به وبالحزب الحاكم.

وعلى الرغم من مشهد ليلة الانقلاب، تقول الصحيفة إن نظرية المؤامرة وجدت لها صدى في تركيا، وتتحدث عن أن الانقلاب فعل مدبر من أردوغان لتوسيع نطاق سيطرته، حيث شبه البعض وصول أردوغان إلى إسطنبول فجراً بمحمد الفاتح، السلطان العثماني.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول بأن ما جرى من محاولة انقلابية فاشلة، سيصب حتماً في مصلحة الحكومة التركية، حيث تستطيع فرض قبضتها بصورة كبيرة على مقاليد الحكم في الداخل خلال المرحلة المقبلة رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها.

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.