عبده خال: نريد سينما

عبده خال: نريد سينما

شارك

هذا العنوان سبق أن عنونت به إحدى مقالاتي، ووجدت اليوم أنه مناسب لما تدور حوله هذه المقالة.

فمنذ ظهور هيئتي الثقافة والترفيه والناس ينتظرون إحداث نقلة نوعية في الأداء لتحريك هذين الخيارين المستقبليين، إلا أن الأيام الماضية لم تحمل على أكتافها أي أثقال، إذ ما زالت الأوضاع كما كانت عليه.

وعلى الهيئتين بذل مجهودات جبارة لإنعاش الحياة ونقلها من العناية المركزة لكي تعاود نشاطها وعنفوانها، وذلك لأننا عشنا مناخا حرّم كل الفنون، فغدت جميع المناشط الترفيهية والثقافية في حالة ترد وتأخر عن أقرب تجربة فنية أو ثقافية حدثت في العالم.

ولهذا أصاب بحالة من الذهول لمواصلة الموقف المتعنت من الفنون، وسبب الذهول الذي أعيشه دائما من هذا الموقف المتعنت أن العالم يعيش داخل الصورة، فهو زمن الصورة، فكيف لنا أن نعيش داخل العصر ونحن خارجه بمواقفنا المتعصبة من تلك الفنون التي نرفضها جملة وتفصيلا؟

وأجد أن الأفكار المغلوطة التي تقف سدا منيعا من استقبال المتغيرات في واقعنا المعاش تتقوض بفعل الحركة، وأن الفنون تكسب وجودها من وجود الإنسان ذاته، فواقع رفض السينما في حياتنا اليومية (كمثال) أخذ يتداعى من عدة جبهات، كونه واقعا لا يستقيم مع الحياة ومع احتياج الإنسان لأدوات تعبيرية تعبر عن وجوده.

وكان من المفترض أن تنهض الهيئتان بترميم الوضع الراهن أو استحداث خطوات متسارعة للحاق بالركب، وكان من المفترض (بعد الإعلان عن الهيئتين) العمل الدؤوب في المجالات الثقافية والترفيهية بإعادة الفرق الموسيقية لمبنى التلفاز، وإحياء الأنشطة الغنائية في جمعيات الثقافة والفنون، ووضع إستراتيجية وطنية في تبني الإنتاج الدرامي، وفتح معاهد عليا لتخريج الموسيقيين والممثلين والمخرجين وكتاب السيناريو، وفتح صالات العرض السينمائي في كل مدينة من مدننا.

وكان من المفترض إدخال السينما كعنصر أساس في إعادة هيكلة المجتمع من خلال الفنون المتعددة التي يمكن للسينما احتواؤها. وكنت (ومازلت) أعتقد أن فن السينما يحقق عدة أمور، سواء كانت فنية أو استثمارية، ولأن زمننا المعاصر يستخدم السينما والدراما كأداة لإيصال ما يمور في الواقع يكون تواجده والاهتمام به من أولوياتنا الفنية، كون السينما أداة فاعلة ومؤثرة على نطاق واسع محليا وعالميا متى ما تم تسخير الأموال والنصوص والممثلين لتحقيق أهداف البث.

وأسفا أقول: إننا مجتمع يهجر هذه الأداة، ونتعامل معها من منطلق ضيق جدا، كأن يقال إن السينما هي أداة فسق وفجور، بينما هي وعاء تسقي الآخرين مما تحمله، لا مما نتصوره عنها مسبقا.

فهل يحتاج الأمر إعادة الدعوة لأن نسخر ثرواتنا الهائلة (المالية والبشرية) لإظهار حقيقتنا الفنية الكامنة ونفتح الأبواب للسينمائيين الشباب؛ لكي يرونا إبداعاتهم ولكي تتوزع اهتمامات الشباب بدلا من أن ينخرطوا في عمليات إرهابية أو تحويلهم إلى ذئاب منفردة أو شباب ضاع بين المقاهي وأماكن التفحيط.

حقيقة، كان من المتوقع أن تسارع الهيئتان في تبني المشاريع المستقبلية وليس انتظار ما يفرزه الواقع وفق إمكانات متواضعة أيضا.

نقلًا عن “عكاظ”

لا يوجد تعليقات

اترك تعليقا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.